مازال كتاب السيدة مارجريت ماكاي (الكترونيون عرب) عالقاً بذاكرتي وهي تحكي عن بدايات تجربة الشباب القطري مع التكنولوجيا في مستهل عقد الثمانينيات من القرن الماضي، ثلاثة عقود مرت على تلك التجربة، وأصبحت قطر بفضل إنسانها وما حباها به الله من امكانيات دولة متحضرة متقدمة آمنة... وهي عين مقومات الاستراتيجية السودانية ربع القرنية، وهي تتحقق بالفعل في قطر، ونحن نجتهد ونسعى لتحقيقها هنا في السودان.. ودولة قطر التي جعلت أعناق الناس في العالم كله تشرئب لترى كيف تنجح تلك الدولة الفتية في تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم في 2022 القادم، أي بعد نحوعشر سنوات وخمسة شهور من الآن.. وكيف نجحت بامتياز في تقديم ملفها لتحقيق هذه الهدف، وهو نجاح ينم عن عبقرية فذة، وتخطيط متقدم جداً سبق سنوات العصر المعاش بأزيد من عقد من الزمان.. وأحسب أن قطر الآن (حكومة وشعباً) يعيشون بتلك الروح ويسبقون غيرهم من دول عالمنا بعشر سنوات، وكأنهم الآن في لب وعمق منافستهم العالمية المنتظرة في عام2022.. وليس كتاب قطر المفتوح هو تنظيم تلك البطولة فحسب، وهذا كل رصيدها وبيت قصيدها، ولكن ذلك على أهميته وعنفوانه ومجده الآتي، هو فصل واحد في سفر قطر التاريخي والحاضر، وهي ترسم ملامح دولة عصرية ليس لها نظير بين دول عالمها العربي أو الآسيوي، بل في المحيط العالمي كله.. فدولة قطر تخرج من كنانتها اسهما عديدة تصوبها في مجالات عديدة وفي كل مجال تحقق السبق والريادة والقدوة، و(لا تنتزع) الابتسامة والرضا، ولكن يأتيها كل ذلك منقاداً سهلاً سلساً.. والسودان الذي يسعد كله بقدوم ولي العهد القطري صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ويبارك له مسعى الزيارة، وتأكيد العلاقة الحميمة القوية التي تزداد تطوراً في كل يوم بقدر سعادة أهل السودان، وخاصة أهل الشرق كثيراً بزيارة والده صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر المفدى، وهو يعزز من علاقات الجوار بين بلدين شقيقين هما السودان وارتيريا ويساهم مساهمة مقدرة في ربط البلدين بطريق قاري عالمي، ويشيد قرى كاملة تمتع بكل الخدمات من أجل إنسان البلدين الشقيقين، وحتى تدوم علاقات الجوار والصداقة إلى الابد.. وهي زيارة كان لها رؤيتها ومدلولها وثمرتها اليانعة، وبالفهم ذاته والروح نفسها فإن تشريف صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي عهد قطر للسودان ومعه كوكبة من رجال المال والأعمال القطريين من أجل تعزيز علاقات الاستثمار بين البلدين، ودفع حركة الاستثمار القطري في السودان إلى أعلى درجاتها، لهي خطوة بعيدة المدى رفيعة المستوى، تؤكد أن علاقات البلدين الشقيقين السودان وقطر هي الآن الانموذج والقدوة للعلاقات بين الأشقاء والأصدقاء.. وعلى تميز علاقات السودان بالأشقاء من دول الجوار والدول العربية والافريقية والآسيوية تجد أن علاقات السودان وقطر هي المميزة وهي التي تتكامل في كل المجالات.. فالسودان كله لا ينسى الدور التاريخي المشهود لقطر في حل قضية دارفور، وهو دور لا أجد له نظير في التاريخ القديم أو الحديث، ولا أحسب أن بلداً في العالم كله تفاعل مع قضية داخلية لدولة ما، وبذل من أجلها الغالي والنفيس كما فعلت قطر الشقيقة الصديقة تجاه السودان.. ولم يكن البذل مالاً فقط بل كان بذلاً وجهداً إنسانياً مقدراً على أعلى مستوياته، ولم يكم عملاً حكومياً رسمياً فحسب، بل كان إنسانياً خيرياً من الدرجة الأولى.. ولقد فتحت قطر ابوابها وبيوتها من أجل عيون أهل السودان وتوافد الآلاف من السودانيين تجاه قطر للمساهمة في حل أزمة دارفور حلاً جذرياً بل جمعت الأممالمتحدة والجامعة العربية والاتحاد الافريقي، ليكون شريكاً أصيلاً في الحل، وكذلك الحال مع الدول النافذة ذات الصلة الوثيقة بهذه القضية المتشابكة، لقد صبر أهل قطر صبراً جميلاً على مشكلة دارفور واظهروا حلماً وكياسة وأدباً حتى تحقق النجاح، وكتبت قطر اسمها باحرف من نور في كتاب الانجازات العالمي، وهي تسجل للتاريخ انفرادها بحل أكبر مشكلة شهدها العالم في عهده القريب.. وعلينا نحن في السودان وبالفهم ذاته وبرد الجميل باضعافه، ونحن مازلنا بحمد الله أصحاب كرم وشهامة، أن نقدم لقطر الشقيقة أقصى ما نستطيع تقديمه من خير للشعب القطري الشقيق، ويجب أن يعرف أي قطري أن له في السودان أخاً شقيقاً وأرضاً وتجارة واستثماراً واقامة، شأنه شأن الإنسان السوداني.. ولننتهز هذه الفرصة وهذا المنتدي في سنة انعقاده الثالثة ليكون فاتحة خير حقيقية بين البلدين الشقيقين، وأن لا يكون لقاء تقليدياً، بل يجب أن يكون (ثورة حقيقية) في مجالات الاستثمار بين البلدين الشقيقين، ولنؤكد به على المعاني والأفكار والتوصيات التي قدمها فخامة الرئيس عمر البشير ونائبا الرئيس في مؤتمرات اتحاد الغرف العربية والاسلامية، وفي المؤتمر العام للمؤتمر الوطني، وما تفضل المشاركون الضيوف بذكره من عقبات تعترض المستثمرين في السودان، وكذلك الاشارات الواضحة من الدكتور مصطفي عثمان اسماعيل مستشار الرئيس ومقرر المجلس الأعلى للاستثمار، وهي الجهة الأولى المنوط بها تذليل كل عقبات الاستثمار ودفعه إلى الامام، بالطريقة التي تنتهجها دولة قطر في انجاح خططها وبرامجها.. اقترح أن تبادر كل ولاية من ولاية السودان بمنح أراضٍ واسعة (هدية) للشعب القطري، وبرسوم بسيطة وشروط ميسرة تكون هذه الاراضى بمشروعاتها ومصانعها هي الانموذج الحقيقي للتكامل بين البلدين في مجالات الزراعة، وتتيح لقطر إمكانية تحقيق أمنها الغذائي عبر السودان، وهي غاية ينشدها الشعبان، وتحقق اروع صور التكافل الحقيقي بين شعبي البلدين الشقيقين.. اتمنى أن يعود ولي العهد القطري من السودان إلى بلده وهو يقدر لشعب السودان وحكومته قيمة علاقات الصداقة بين بلدينا، وأن نقدم لقطر أغلى ما عندنا وما تستحقه فعلاً وقولاً.. كما أتمنى أن تحقق بعثتنا الرياضية المشاركة في دورة كل الالعاب في الدوحة نتائج باهرة وتعزز العلاقات الوطيدة بين البلدين الصديقين، وللعلم فهي أكبر بعثة رياضية تغادر السودان وتضم نحو280 شخصاً بقيادة الأخ العزيز الأستاذ عبد الرحمن السلاوي.. وتلك أيضاً سطور مهمة في سفر العلاقات السودانية في صفحات الرياضة التي تأخذ قطر الآن زمام المبادرة باستضافتها لبطولة كأس العالم في 2022،، التحية لسموالشيخ تميم ولي عهد قطر والوفد المرافق له، ودامت علاقات الصداقة بين بلدينا مزدهرة متطورة.. وأحسب أن سفيرنا في قطر الشاب الدبلوماسي المهذب ياسر خضر ينتظره عمل كبير ومهم تجاه تحقيق أقصى غايات المنفعة الحقيقية للبلدين، في جو يتسم بالاحترام والتقدير المشترك.. وكذلك الحال مع سعادة السفيرالقطري الجديد الذي يجد أيضاً أرضاً خصبة لعمل كبير بعد الجهود المقدرة التي بذلها سعادة السفير علي حسن الحمادي، الذي نسأل الله أن يجزيه خير الجزاء على جهوده الطيبة، وحسن صنيعه تجاه السودان وقطر.. وكان خير سفير لخير بلد.