تشهد العلاقات الثنائية السودانية الأثيوبية حالة من التطور والنماء وتزداد عمقاً وإخاءً وتبادلاً للمنافع المشتركة، وتعزيزاً للثقة يوماً بعد يوم مما يبشر ويؤسس لأرضية صلبة لتحقيق التكامل بين الشعبين الشقيقين، وجعل الحدود مناطق لتبادل المنافع المشتركة بدلاً من النزاعات والتوترات السياسية.. وقد توثقت عرى العلاقات وفاقت حد التبادل التجاري وتعدتها لمرحلة تعبيد الطرق بين القضارفوإقليمي الأمهرا والتقراي، ومد التيار الكهربائي الذي استكمل العمل فيه تعضيداً لأواصر العلاقات الممتدة بين الجانبين.. وقد احتضنت مدينة بحر دار الأثيوبية انعقاد المؤتمر الرابع عشر لتنمية وتطوير العلاقات الحدودية السودانية الأثيوبية المشتركة بمشاركة ولايات كسلاوالقضارف وسنار والنيل الأزرق، بجانب أقاليم الأمهرا والتقراي وبني شنقول قمز وقمبيلا، وقد رأس الجانب السوداني البروفيسور الأمين دفع الله الأمين العام للمجلس الأعلى للحكم المركزي، فيما رأس الجانب الأثيوبي السيد ايالو كوبيزي حاكم إقليم الأمهرا.. مكاسب تحققت من المؤتمر: وصف البروفيسور الأمين دفع الله الأمين العام للمجلس الأعلى للحكم المركزي رئيس الجانب السوداني، الاجتماعات السابقة بأنها حققت العديد من المكاسب منذ انطلاقتها بالقضارف في أبريل من العام 2000م، وحققت الاستقرار الأمني على طول الشريط الحدودي، وقامت بالحد من الشفتة والجماعات المتفلتة والخارجة عن القانون وقطاع الطرق، فضلاً عن كونها خلقت نوعاً من تبادل الثقة بين قادة ولاة الولايات وحكام الأقاليم المجاورة، مما انعكس ذلك إيجاباً في حلحلة العديد من القضايا العالقة وأصبحت العلاقات أنموذجاً يحتذى به في المنطقة، وأصبحت اللقاءات رافداً أساسياً لترسيخ وتوطيد العلاقات السياسية والدبلوماسية والأمنية، وجسوراً للإخاء والمودة، وقال إن الاجتماع الرابع عشر يأتي والسودان يخطو خطوات كبيرة نحو تحقيق الأمن والسلام الشامل خاصة بعد توقيع اتفاقية الدوحة وتحقيق السلام في دارفور، كما أكد دفع الله أن المؤتمر يأتي والسودان خطى خطوات كبيرة لقيام وتشكيل حكومة وفاق وطني عريضة والتي بدأت ملامحها تظهر بتعيين بعض المستشارين والمساعدين لرئيس الجمهورية بمشاركة الاتحادي الديمقراطي الأصل وحزب الأمة، فضلاً عن بعض الأحزاب التي لم تشارك من قبل، كما أننا نلتقي والسودان قد حقق السلام والاستقرار في جنوب دارفور والنيل الأزرق، وأشار البروفيسور الأمين دفع الله لحرص قادة البلدين ممثلة في الرئيس البشير ورئيس الوزراء مليس زناوي لحرصهما على استدامة وتقوية العلاقات المشتركة وتعزيز عرى التواصل بين الشعبين الشقيقين، وجدد تقديره لوقفة أثيوبيا القوية مع السودان والرئيس البشير ضد قرارات المحكمة الجنائية، وأكد وقفة السودان مع الجارة أثيوبيا لاستمرار العلاقات وتقوية أواصر الإخاء بين الشعبين الشقيقين.. فيما أشار السيد ايالو كوبيزي حاكم إقليم الأمهرا رئيس الجانب الأثيوبي، لمتانة العلاقات التاريخية التي تربط السودان وأثيوبيا ولا سيما الأقاليم والولايات الحدودية بين البلدين على طول الشريط الحدودي، وأكد تنفيذ الجانب الأثيوبي لمعظم توصيات ومقررات مؤتمر سنجة، كما أشار لتواصل الاجتماعات بين قادة المحافظات الأثيوبية مع نظائرها من الجانب السوداني لحلحلة العديد من المشاكل الحدودية القاعدية، وأشار كذلك لتبادل السجناء والمسروقات بين الطرفين، ومحاربة الشفتة والجماعات المعادية للسلام، ومحاربة التجارة غير المشروعة وتقوية آليات المتابعة لأعداء السلام وتهريب البشر والأسلحة، وأشار السيد ايالو كوبيزي للرغبة الأكيدة للجانب الأثيوبي والتفاهم من أجل تعزيز وبناء علاقات جيدة للتعاون. اللجنة السياسية والأمنية بالمؤتمر: أحمد عباس والي سنار رئيس اللجنة السياسية والأمنية أشار إلى أن هذه اللجنة في بداية المؤتمرات السابقة كانت تظهر بعض المشاكل ولكن بمرور المؤتمرات وتبادل الثقة بين الجانيين أصبح كل طرف يطرح مشاكله بكل شفافية ويتم النظر فيها بروح الفريق الواحد والمصلحة الواحدة، وأكد أن اللجنة أوصت بضرورة محاربة المعارضة بين البلدين وعدم إيواء أي دولة لذلك وتنظيم العمالة الموسمية بين السودان وأثيوبيا عبر مقاولين وفق أوراق ثبوتية للدخول والخروج من أجل الحد من التسلل وعدم معاملة الرعاة معاملة المتسللين خاصة في فترات الجفاف، لأن الرعي لا يعرف الحدود، وأهمية الاستعجال في ربط الطرق خاصة أصوصا الكرمك، والدندر حنتوب كوارا بأثيوبيا، لأن الطرق تسهل كثيراً في عمليات تحقيق وبسط الأمن وتفعيل القوانين لحماية الموارد البيئية والمحافظة على الحياة البرية. اللجنة الاقتصادية: أما اللجنة الاقتصادية والتي تشمل تجارة الحدود والزراعة والثروة الحيوانية والتي ترأسها الأستاذ كرم الله عباس الشيخ والي القضارف، فقد أشار إلى أنها أوصت في الجانب التجاري على تبسيط تجارة الحدود وإضافة المزيد من السلع على البرتوكول التجاري، بجانب فتح عدد من النقاط التجارية الحدودية وزيادة سقف تجارة الحدود من (2000) ألفين بر إلى (10000)عشرة آلاف بر، ومكافحة التهريب وتبادل المعلومات وتوعية البلدين بمخاطر التهريب وأثره على الاقتصاد. وفي المجال الزراعي أشار والي القضارف إلى أن اللجنة أمنت على المحافظة على الغطاء النباتي ومنع القطع الجائر للغابات وردع كافة المخالفين لقوانين البيئة والغابات والتعاون المشترك في الأبحاث الزراعية والبستانية وتبادل المعلومات في مجال الإرصاد الجوي ومكافحة الآفات الزراعية وتبادل الخبرات ونقل التقنيات الزراعية وإقامة النقاط للحجر الزراعي على طول الشريط، والاهتمام ببرامج التدريب.. وفى مجال الثروة الحيوانية أشار كرم الله عباس الشيخ والي القضارف لضرورة الاهتمام بتطعيم القطيع ومكافحة الأمراض المشتركة للقطيع عبر المسوحات والتبليغ السريع، وإنشاء محطات للعمل الصحي بالنقاط التجارية الجمركية وفتح المسارات لحركة الحيوان بين البلدين لتنظيم حركة الحيوان وتوفير الخدمات الصحية والعلاجية للحيوان. ملف الحدود: أشار والي القضارف إلى أن ملف الحدود ملف اتحادي، وقد أوصت المؤتمرات السابقة بالإسراع في إعادة ترسيم الحدود بين السودان وأثيوبيا والذي يمتد داخل القضارف في مساحة (265) كيلو متراً مع إقليمي الأمهرا والتقراي، والذي أكملت فيه لجنة العمل الميداني المشتركة أعمالها منذ وقت مبكر وتم الاتفاق على النقاط كافة، وفي انتظار انعقاد اللجنة السياسية العليا المشتركة بين السودان وأثيوبيا. على هامش المؤتمر: على هامش المؤتمر عقد والي القضارف كرم الله عباس الشيخ اجتماعاً مشتركاً مع حاكم إقليم الأمهرا السيد ايالو كوبيزي، وبحث الاجتماع فتح آفاق التعاون المشترك وقيام البرامج التكاملية بين الأمهرا والقضارف في شتى المجالات، وأبدى والي القضارف إعجابه بالنهضة التنموية الكبرى التي شهدها الإقليم في مجالات البنية التحتية والاستثمار والمباني ورصف الطرق والحدائق العامة، ودعا الوالي لتبادل العمل الفني لنقل تجارب البناء الحجري والعمالة الأثيوبية، وقال الوالي إن كافة مقومات النهضة العمرانية متوفرة بالولاية، مشيراً في ذلك لتنظيم رحلات لإقليم الأمهرا وخاصة للخريجين لنقل التجربة الأثيوبية.