يبدو أننا نحلم بعاصمة هادئة.. خالية من الاختناقات المرورية... ومن زحمة أوقات الذروة.. بل من ذروة أوقات الزحمة.. وننتظر .. ونتعشم في حل تلك المعضلة التي لم يجد لها القائمون على الأمر حلاً... وعبثاً حاولوا بشتى السبل.. عسى أن يوفقوا في إيجاد حل يريحهم ويريح مستخدمي الطرقات.. من وجهة نظري... المشكلة كلها تكمن في «الاستوبات».. والتقاطعات.. التي كان من الممكن محوها تماماً من الوجود عن طريق انشاء كباري طائرة... صحيح أن لفظة »كبري طائر« تبدو شيئاً باهظ الثمن... ولكنها على أية حال.. لن تكون في تكلفتها أغلى من تلك الكباري الممتدة عدة كيلومترات... لنجد أن التخطيط غير السليم.. بل التخطيط دون التفكر في المآلات... هو الذي أورثنا تلك الكباري... التي اصبحت مشكلتنا الحقيقية هي كيفية الوصول إليها من قلب العاصمة... وبما أن الأمر كذلك... فيبدو أنه لا جدوى تذكر من تلك الكباري... لأنها - ببساطة - وجودها أو عدمها لم يؤثر في التخفيف من أزمة وسط الخرطوم.. فهي بريئة من تهمة التسبب في الازدحام..!! إذاً... المتهم الرئيسي في هذه «القلاقل» هو «الاوستوبات».. لكن.. لا توجد مؤشرات على فهم أبعاد الأزمة.. وقد جاء على لسان وزير البني التحتية المهندس حسن فضل المولى بأنهم الآن «يخططون لعمل تصاميم مختلفة لإعادة تخطيط الطرق لوضع اعتبار انسياب الحركة سواء كان عبر التخطيط و الدورانات المختلفة وعبر إشارات المرور بإعادة تصميم التقاطعات»..!! فبشرنا سعادة الوزير باصطحاب «الدورانات» وإشارات المرور في المرحلة المقبلة... ولم يشر إلى سعيهم لانشاء كباري طائرة.. التي هي أسهل من الكباري «العائمة».. كما وضح ذلك الباشمهندس زاكي الدين احمد محمد علي في دراسة له عن الموضوع... أكد أن تكلفة الكبري الطائر تكون بمثابة تكلفة انشاء عمارة من ثلاثة طوابق... فانظروا - بالله عليكم - كم عمارة تم تشييدها ويتم سنوياً..؟! وكم «ثلاثة طوابق» تبنى..؟ لتزيد تلك »الطوابق« أزمة المرور تعقيداً فوق تعقيدها...!! فهل نعشم في أن تستغني الدولة عن انشاء خمس أو ست عمارات شاهقة... لتحول ميزانيتها لانشاء بعض الكباري الطائرة..؟.. كنسخة من كبري المسلمية... مثلاً...!!