{ أزمة مواصلات طاحنة تشهدها ولاية الخرطوم منذ عدَّة أيَّام، بسبب مشكلات عجزت عن حلها شركة «كركر»، الحائزة على عطاء إدارة موقف المواصلات الجديد، في قضية (شهيرة) و(مثيرة)، أطاحت بالمعتمد الأسبق «مبارك الكودة» بقرار من الوالي السابق «عبد الحليم المتعافي». سائقو الحافلات قالوا ل (الأهرام اليوم) إن هناك مشكلة بيْن الشركة وإدارة السكة الحديد التي تملك المداخل والمخارج. { أصحاب المركبات العامة أضربوا عن العمل، أمَّا الذين لم يضربوا فقد زادوا تعرفة المواصلات بنسبة (300%)، ثلاثمائة في المئة، في بعض الخطوط، بحجَّة استبدال المسارات بأخرى (طويلة)..!! والسبب رسوم المواقف، فضلاً عن الزيادات (الهائلة) التي أعلنتها شرطة المرور مع بدء تطبيقها قانون المخالفات الجديد، حيث تصل غرامة بعض المخالفات (100) جنيه..!! هذا عن مخالفات الفئة الأولى.. أمَّا المخالفات (الخطيرة) مثل (تجاوز الإشارة الحمراء) فعقوبتها السجن مع الغرامة..!! علماً بأنَّ الكثير من هذه (الإشارات الضوئيَّة) في (الاستوبّات) تجدها متعطلةً، إمَّا بسبب مشاكل إلكترونيَّة، أو كهربائيَّة، أو بسبب انقطاع التيَّار.. وقد تجدها (موقوفةً) عن العمل بأمر رجال المرور أنفسهم، الذين (يقومون بالواجب) بدلاً عن هذه (الإشارات) في بعض ساعات الذروة..!! إذن فعلامَ الحُكم بالسجون وترويع المواطنين؟ { صحيحٌ أنَّ هناك دولاً أوربيَّة أو آسيويَّة تعاقب مرتكبي المخالفات المروريَّة الكُبْرى بالسجن، لكنَّك لن ترى في تلك الدول «شرطي مرور» يقف عند التقاطع ويجادل سائق «دفَّار» أو «لوري».. أو حافلة «روزا»: (رخصتك وين؟! رابط الحزام.. ما رابط الحزام.. لابس «سفنجة».. أو لابس كعب عالي).. التكنلوجيا وكاميرات المراقبة والرادارات هي التي تعمل هناك.. ولذلك لا مجال أصلاً (للجدل) و(الغُلاط) بين سائقي المركبات العامَّة والخاصَّة ورجال المرور.. وإلى أن نصل إلى تلك المرحلة (المتقدِّمة جداً) فإنَّنا يجب ألا نقفز على المحطات ونحاكي تلك الدول (المتقدِّمة جداً) فقط في تطبيق العقوبات.. لا في تشغيل الإشارات ونصب الرادارات.. وتثقيف وتنوير السائقين ومستخدمي الطريق بمن فيهم المارَّة.. فقد لاحظتُ أن الكثير من المواطنين (المشاة) لا يعبرون الطرقات إلاَّ عند انطلاقة (الإشارة الخضراء) للسيَّارات..!! حيث لا توجد إشارة خضراء (للمشاة) حتى الآن في معظم شوارع الخرطوم، مثلما هو الحال في عواصم ومدن العالم المتقدِّمة. { الغريب أنَّ أزمة المواصلات مستمرَّة وبلغت ذروتها مساء أمس «الإثنين» - لحظة كتابة هذه الزاوية - حيث تجمهر الآلاف حول موقف (كركر).. الذي عجز مع ولاية الخرطوم عن تشييد (كبري طائر) لعبور (المشاة) من جهة الشمال إلى الجنوب، فحالة المرور حول الموقف الجديد مثالٌ حيٌّ بليغٌ وجهيرٌ على (الهرجلة) الهندسيَّة والمروريَّة في بلادنا..!! { تجمهر الآلاف وحصبُوا بصَّات الولاية بالحجارة، وتدخَّلت شرطة مكافحة الشغب.. والحكومة غائبة.. غائبة..!! { الحكومة - يا سادتي - ليست غائبةً عن «موقف كركر» وأزمة المواصلات.. وغرامات المرور ورسوم (الترخيص) الباهظة فقط.. بل إنَّني أشعر بأنَّها (غائبة) عن الوعي تماماً..!! { اللًّهم إنَّا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللُّطف فيه.