الخطاب السياسي يعبر بالضرورة عن سياسة أي حكومة ويحمل ملامح توجهها وخطها.. الخطاب السياسي السوداني مروراً بالعديد من المراحل منذ الاستقلال حيث اشتهرت منه على سبيل المثال خطابات الزعيم الأزهري القوية المعبرة عن آمال الأمة نحو الاستقلال بعبارات شهيرة حفظتها مجاميع الشعب آنذاك. وكذلك خطابات الزعيم محمد أحمد المحجوب القوية في البرلمان وفي الأممالمتحدة مروراً بخطابات النميري «أيها الشعب البطل» إلى تصريحات الصادق المهدي من رحم الأمثال الشعبية إلى الحالات السياسية وهكذا تعلن الخطابات السياسية في السودان عن مضامين مراحلها في خط تصاعدي وتشير إلى المشهد السياسي في سياقه الزماني والمكاني. ويرى بعض المراقبين أن الخطاب السياسي في السودان تحاصره الآن لغة الإقصاء والعداء والتهديد والوعيد ويرتهن إلى الاحتقان وردود الأفعال وكثرة المنابر دون تنظيم أو خطوط واضحة حتى يتمكن المحللون من قراءته وتحليله فهنالك الآيدولوجية الحادة والنظرة الآحادية وعدم وجود خطاب الوفاق الوطني على منصات المايكروفونات وإن جاء فهو عرضي وفي مناسبات لكن سرعان ما يطغى عليه الخطاب الحزبي الآحادي ويغيب الخطاب الوطني ويرون ذلك بوضوح في الخطب السياسية للمؤتمرات التنشيطية الأخيرة لحزبي المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي حيث علت نبرة الآحادية في مؤتمر الوطني وبخس الآخرين وقدراتهم وكذلك الشعبي الذي صبّ جام غضبه على الحزب الوطني في خطاب هجومي كان عنوانه إسقاط النظام!! الناظر إلى كل هذا الواقع للخطاب السياسي السوداني يدرك عمق الهوة ما بين الأهداف والأفعال والأقوال حيث إنه بعد الوصول إلى السلطة يتم التحويل للتجاهل والالتفاف عن بنية الخطاب فيبدو ضعيفاً وواضح الارتجال لا يتوافق مع المستجدات السياسية ويدور حول الشخوص والتقليل دون البناء على أسس إستراتيجية معبدة والتمترس في مربع النقد فقط وتوظيف الاتهامات للآخر في عملية إقصائية إعلامية وإطلاق الأوامر الاستعلائية وتصحيح أقوال الآخرين من الرأي الآخر!! الأستاذ نصر الدين علي أستاذ الإعلام بكلية الإعلام جامعة النيلين يرى أن الخطاب السياسي لابد أن يستند على حقائق الواقع وأن يكون شفافاً وصادقاً ومعبراً عن قيم المجتمع الدينية والسياسية دون زيف أو خداع وتحكمه قواعد الحرب والسلم والاستقرار وعدم الاستقرار ونوع النظام الحاكم وتكوينات الأحزاب العقائدية والفكرية وقال إن السودان مر بفترات تغير فيها الخطاب من الديكتاتورية إلى العسكرية والآن الشمولية لافتاً في السياق إلى أن الساسة وقادة الأحزاب ينفعلون ولا يأبهون لما يقولون .. وأصبح الإقصاء سمة الخطاب السياسي السوداني وهذا لن يخلص البلاد من المشكلات العالقة فلذلك هي تعيش وسط هذه الأجواء الساخنة ولا يعبر عن كافة أحلام وتوقعات الجميع.. فهل تهب رياح التغيير وتتغير الحروف ولغة الخطاب..!!