(الأهرام اليوم): نحزن كثيراً لتعثّر أي تجربة عمل صحفي ناجح، دعك من انهياره بمعاول الخلاف، مثلما حدث في صحيفة (الأهرام اليوم) التي نعتبرها واحدة من التجارب الصحفية الجادة التي أجلست اثنين من مؤسسيها في مقاعد الصف الأول في مجال الصحافة السياسية، بعد نجاحهما في مجال الصحافة الرياضية، ولا شك لدينا في إمكانيات وقدرات زميلنا العزيز الأستاذ الهندي عز الدين الذي حقق لصاحبيه ذلك الكسب والتقدّم.. التجربة يجب ألا تنتهي في فضاءات الخلاف لأنّ الخاسر من ذلك ليس رئيس التحرير المُقال - علي أية حال - الأستاذ الهندي عز الدين، فكثيراً ما نقول إنّ الصحفي الجيّد يملك قلمه وفكره وخياله، ويكون غيث صحافة أينما وقع نفع ولا نقول إن الخاسر شريكاه الأستاذان عبد الله دفع الله ومزمل أبو القاسم، الخاسر هو القاريء والصحافة نفسها وكثير من العاملين في الصحيفة إن تعرضت للتوقّف. الصحافة بحر واسع لا يجيد السباحة فيه إلا الذين عركوه وتعاملوا معه وخبروا السواحل والضفاف، باختصار لا يٌجيد السباحة فيه إلا الصحفيون أنفسهم، ونحسب أن كل الاتجاهات باتت اليوم تُشير إلى أن أهل هذه المهنة هم الذين سيقودونها ويخططون لنجاحاتها التي لن تتحقق إلا إذا أصبح للصحيفة أثر وتأثير على الخاصة والعامة على السواء. التجاني الطيب بابكر رحم الله الأستاذ الكبير التجاني الطيّب بابكر، وقد أشار عليَّ السيد إبراهيم محمد أحمد طه برسالة بعث بها إلينا عن طريق الفاكس - من القضارف - وهو من معاشيي السكة الحديد ومن الذين يداومون على قراءة «آخر لحظة» وهذه الزاوية، أشار السيد إبراهيم إلى أنّه لم يقرأ أو يطّلع على نعي للراحل التجاني الطيب - رحمه الله - وتساءل إن كان ذلك عن قصد أم بسبب المشغوليات الكثيرة.. وقد أحزنني حقيقة ما كتبه الأستاذ الجليل إبراهيم محمد أحمد طه، إذ لم يكن وراء غياب الكتابة عن الراحل المُقيم قصد، وقد نعته «آخر لحظة» نعياً رسمياً، بل وسعت من خلال كاتب هذه الزاوية إلى الاتّصال بعدد من المسؤولين في الدولة للمشاركة في تشييعه بعد إبلاغ بعضهم بالنبأ الحزين، وقد حدث ذلك بالفعل، وكان كاتب هذه الزاوية من بين مشيعين كُثر شاركوا في تشييع الأستاذ الكبير التجاني - رحمه الله - وموارة جثمانه الطاهر ثرى مقابر البكري بأم درمان ليلاً والراحل المقيم - قطعاً - رقم يصعب تجاوزه في عالم السياسة إذ ظل مقاوماً لكل الأنظمة الشمولية في السودان، ولم يتزحزح عن فكره ومبادئه الماركسية منذ أن تعّرف عليها بداية التحاقه بالحزب الشيوعي السوداني، وظل صاحب عقل مفتوح يقبل بالآخر، وقلب مفتوح على كل الاتجاهات، صديقاً للجميع، مؤمناً بحرية الانتماء والعقيدة والفكر، لذلك كان الراحل الفقيد قريباً من زملائه في عالم السياسية، ومن زملائه في عالم الصحافة.. عاش يحلم ب (وطن شامخ.. وطن عاتي.. وطن خيّر ديمقراطي.. ومات كذلك.