وهو يناجي روحه في مرثية لشاعر المقاومة (خليل فرح) رثاه فيها الشاعر مبارك حسن الخليفة يا خليل ياحادي الركبان.. يا دليل ألا تعود؟! لتسأل الركبان عن نسائك الحرائر.. وعزة العفيفة لازار/الم تقل بأننا في حبها جبال/ وأننا وعزة الحبيبة.. تضافر النجوم والهلال/ أجل خليل.. لم نزل في حبها جبال.. / ولم نزل لكل من يخونها نبال.. / ولم تزل قلوبنا تميل للشمال.. ونيلنا الحبيب يدفق.. عواطف تسيل من قلوبنا زلال../ تصب في قلوبهم.. فتنبت الحياة.. وتورق الظلال.. خليل فرح شاعر المقاومة الشهير التي كان للأغنيات الوطنية التي شدا بها إبان ثورة 1924م، ولها دور ملحوظ وفعَّال في اشعال جذوة الروح الوطنية بين المواطنين، ونشر مبادئ وأهداف جمعية اللواء الأبيض بين الجماهير.. كانت ملحمته (عزة في هواك) وقيل إن عزة هي الوطن وأن ملهمته (العازة) هي زوجة البطل علي عبد اللطيف التي قادت المظاهرات، وهي ترتدي (العراقي والسروال) تحت الثوب السوداني. وقدم (الشرف الباذخ).. وعندما توفى وفاضت روحه وهي تهفو إلى أم درمان ويتمنى فقط (قدلة).. في الطريق الشاقي الترام.. رثاه الشاعر السياسي محمد أحمد محجوب بمرثية بعنوان مآتم الفن. ويظل أشهر خليل في السودان باتجاهاته الأربعة، خليل الفرح الذي جمع بالكلمة الشاعرة كل أفئدة السودانيين، وتغنى للجنوب كما تغنى للشمال.. فبذرة الوحدة الوطنية تحمل الجينات المكونة للثقافة الوجدانية لدى مبدعي بلادي، ومن أشهر أغنيات الشاعر السوداني (يا خليل يا خليل خليلك وين)، ويظل أيضاً خليل إسماعيل من أشهر المطربين الذين اسهموا في النشر والترويج للأغنية الكردفانية في (قالب جديد). ويبقى في عالم التمرد والخروج عن المؤسسية والقانون الدكتور خليل إبراهيم أحد الشخصيات السياسية الطموحة من أبناء دارفور، ومن قيادات الصف الرابع أو الخامس من الإسلاميين. وربما تفسير والي شمال دارفور إلى العناصر الثلاثة التي ساهمت في إحداث وتصعيد قضية دارفور، نجد فيها الكثير من الصحة، فقد لخصها في التدخلات الأجنبية والطموحات الشخصية، ومحور الإعلام المتطرف.. سلباً أو إيجاباً.. فقد كان للإعلام الخارجي المسعور ضد السودان أكبر الأثر في تصعيد قضية دارفور، ولعب فيها أبناء دارفور- الذين يعملون بالخارج- دوراً كبيراً في تأجيج القضية، وكان للنشوة والظهور اليومي لقيادات التمرد عبر وسائط الإعلام دور كبير في رفع سقف الطموحات الشخصية، التي تتطاول إلى فضاءات تاقت للانفصال بالاقليم، مما كان واضحاً في عناد ونشاف رأس بعض من قيادات التمرد، ورفضهم للجلوس للوصول لحل الأزمة، ثم يأتي الدعم اللوجستي الخارجي.. ومعروف الدور الليبي الذي كان يغذي هذه الحركات بحاتمية الصحراء الكبرى المفرطة.. ثم يأتي القضاء على حركة خليل وبمقتله، مما يؤكد قوة أجهزتنا الأمنية، التي ظلت تعمل بصمت وتميز، وانسجام مع بعضها البعض.. وما يؤكد قوة هذه الأجهزة الأمنية أنها كان لها دور كبير ومتعاظم في إزاحة نظام عقيد ليبيا ودعم الثوار الليبيين معنوياً ولوجستياً، وهذا وحده يكفي للدلالة على قوتها.. والإنحاء والتجلى للجيش السوداني المكحل بقرون الشطة.. والتحية لجهاز الأمن الوطني والشرطة والمواطنين الذين ظلوا يراهنون على حدة ووطنية أجهزتنا الأمنية، وعلى جنود جيش الهناء بكل وحداته وعلى رأسها القوات الجوية. ومن المضحكات والمبكيات أن يكون وزير الدفاع الهمام الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين على رأس المطلوبين في ملاحق الجنائية الأخيرة، والتي ليس السودان عضواً في محكمتها.. وتظل التدخلات الأجنبية والاستهداف الخارجي هي محور الصراع بهدف تقسيم دولة السودان، وسيظل حكام هذه الدولة جزء من مطلوبات الجنائية.. ويظل مناوي وعبد الواحد ممن ساهما في خلق وضع إنساني مزرٍ في دارفور، وهما حبايب وأصدقاء الجنائية، ومن سيحملون لدارفور كما يدعون قمحاً وزيتاً واغاثة ووعداً وتمني. ما حدث لخليل إبراهيم يؤكد أن صوت البندقية لا يأتي إلا بالدمار والدم والدموع .. وربما يكون هذا العام آخر عام لنهاية الطغاة كما نشاهد في الساحة العربية.. تتوالى الأحداث التي تذهلنا، ويستحضرني هنا قول أهلنا المصريين عندما تضيق عليهم الدنيا ( ربنا يحلها بمعرفته)..عزاؤنا لأسرة دكتور خليل المجاهد الإسلامي السابق، والمتمرد إلى آخر يوم في حياته والذي حمل السلاح.. ومن حمل السلاح إما قاتل أو مقتول.