إذا قال الفصيح العربي (ألا وبضدها تتمايز الأشياء)، ذلك دلالة على أن المقارنة.. هذا بهذا وذاك بذاك، تبدى لك وجه المتشابهات، والأُخر المختلفات، لتعينك على إبراز الحسن والقبيح، أو الذي يعينك في أن تأخذ به للمضي في شأنك المفضي إلى الغرض بمقتضى الحاجة والظرف.. ولترسم خارطة سيرك فرداً كنت أو ثلة أو تنظيماً أو نظام دولة، وهكذا تسير المقارنات الظرفية والمكانية وقياس الغث (الناحل الضعيف)، والآخر القوى المتين، ولا يفيدك إلا الأقوى.. لتكون أنت خير (البلدان) أو (الناس).. ولأن الدنيا وإنسانها وموجوداتها الأخرى منذ أن وجدت، لا تستقر أو تستكين على (ساعة) كالتي بالأمس، ولا (يوم) كالذي مضى.. ولا (أسبوع) هو مستقر لا تنتابه التغيرات، حتى وإن لم تشعر بها أنت أو هم.. وتركن أنت في (شهر) ديسمبر هذا مثل سابقه، وإن تشابهت الملامح.. أما (عامك) فيأتيك ولك (مدونة) إن أحسنت تذكرها، وتصفحتها لتجد الأحوال المتغيرات، ولا يكون هذا إلا بحساب المقارنة للتعرف على الفروقان والأحداث.. ولذلك? والله أعلم- أوجد الخالق فيك ولك نهجاً منضبطاً ولكنه- (أي المنهج)- يسايرك (طفلاً) و(صبياً) و(فتى) و(رجلاً) مكتملاً.. ثم (شيخاً).. فخماسيتك هذه تشكل بها أمزجة وأنشطة- مرحاً وفرحاً وكدراً- وهكذا حياة الفرد والأسرة والجماعة والشعوب والدول.. تحت السماء وفوق الأرض.. وبين البحار والأنهار، وتتراكب الجغرافيا والمناخات.. ولذلك نكرر عليكم حكمتنا البديعة (رحم الله امرءً عرف زمانه فاستقامت طريقته)، وتضرب أنت بذلك الأمثال وتطور أفهام العالمين.. ويتنامى ذلك (بالملاحظة) و (العلم) و (التدريب) والأخذ (بالمفيد)، وبمثل ذلك تتوارث وتؤخذ السلطات والأنظمة.. ليتحرك (شريط) ونظام (الحكم) والإدارة في كل عهد.. ومن هنا خوطبنا من ربنا الأعلى الذي قال (.. وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)، وبعضكم (أتوه) الحكم صبياً.. ونعيد قولتنا بل آيتنا الكريمة (رب هب لي حكماً والحقني بالصالحين).. إذن كل هذه المتواليات والدوائر الحياتية وتشابكها نعني بها (تحديات) و(مترادفات) الحياة.. لكي نأخذ الحكمة لكل شأن لأننا نقول في مثلنا الشعبي: (الشيء بالشيء يذكر)، و(من شابه أباه فما ظلم)، أي في الصفة الأفضل دائماً.. ومن هنا نقول بإن (الربيع) ظرف زماني ومناخي متميز، يكون دائماً مريحاً ومفرحاً ومتوازياً على الأنفس والأمزجة والتداخلات الإجتماعية.. وهو- (أي الربيع)- يدل على التحول والتغيير غير النمطي.. ومن هنا شبهت به رياح التغيرات السياسية والنظامية.. وأخذ كمصطلح حسب الذي يجري حولنا في العالم العربي.. فسمى (الربيع) أي التحركات المفضية إلى الأحسن.. حسب قياس كل لحراكه هو.. وتماثلها عندنا نحن (الربوع)- أي أجزاء وأطراف البلد العريض قرى وفرقاناً ومدناً.. وعواصم كبرى- بجغرافياتها ومعايشها وتقلباتها.. فترادفت عندنا وتقاربت مصطلحات (الربيع) على (الربوع)، ولنا نحن في السودان فصول مناخية تعيشها الأمة.. (خريفاً) كانت أو (صيفاً) و(شتاءً)، أو (زراعة)، أو (حصاداً) أو (رعياً)، أو (تجارة)، أو (مناسبات) وطنية أو إقليمية.. ثم عندنا في مواسمنا الكثيرة فصل (الدرت)- أي زمن ووقت الحصاد- إثر توقف الخريف والأمطار.. وهو كذلك فصل وزمن قياس لنجاح الزراعة المطرية بالذات.. وهناك تدرجات أخرى حصادية لمحاصيلنا العديدة الأخرى كذلك.. فإن أخذنا نحن كل لك لنقول أين (ربيعنا) على (الربوع)، وأنحاء الوطن الشاسع المترامي.. فلنحسب إذن ونقدم حكمتنا الراتبة (الحساب ولد) أي جرد الكسب والخسران والقوة والضعف.. فربيعنا (السياسي) أن الإنقاذ نظام حكم.. وتجربة مواجهات.. وتمكين لأمر وشمولية الدين الذي قال (.. وما فرطنا في الكتاب من شيء) و (شئ) هذه وزن عليها أيضاً كل (شيء) وكل نشاط دون تفريط أو تهاون، ولذلك قالوا لك أنت (كولي أمر) إن جاءكم أحد يريد أن يشق عصاكم، ويفرق جماعتكم فاقتلوه.. وهذا حرص من المصطفى (صلى الله عليه وسلم) على تماسك وتنسيق الأمر بين جماعة المسلمين كافة، ثم إذا قامت حركات في أي طرف أو ربوع لابد من التصدى لها.. أما إن كان الأمر مواجهة بين مجموعات فنقدم الآية الكريمة (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).. والهدف الأساسي هو الطمأنينة والاستقرار من أجل الحياة الآمنة، وتطور أوضاع الناس والدول.. ولهذا فالذي يحدث من قراءة متوازنة للخدمات والإدارة وتوازن السلطة.. هذا كله يصب في دائرة (العدل)، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ويأتي مباشرة (.. وشاورهم في الأمر..) حتى يشعر كل فرد أنه أعير إهتماماً وأخذ برأيه وشعر بالمساواة والإنصاف.. إذا كان في الربوع (أي الولايات) على مستوى الوطن فإن الرأس أو منابر التشريع والتنفيذ والإدارات تكون الأوزان فيها بكل اليقظة والإحكام، لتسود القوة والنظام، وبسط الهيبة ودحر المتسلطين أو (الغزاة) أصحاب الغرض.. وعليه يكون (ربيع) السودان كله هو متوالية اليقظة والميزان والتحسبات، وتماسك الأكف على السلطة العليا.. ثم (ربيع) الولايات حتى ترصد كل ولاية ما هو (ربيعها)، خاصة ولايات (دارفور) الكبرى بولاياتها الجديدة المنداحة لتوها.. ثم (ربيع) النيل الأزرق.. و (ربيع) جنوب كردفان.. ثم ماهي (إحداثيات) ولايات الشمال.. ثم يقظة أخي (معتصم ميرغني حسين زاكي الدين) بشمال كردفان، فإذن (الشرق) أتى و(الغرب) أتى، وكانت الحياة هانئة مرئية، فإن تعبأت (الجزيرة) بنفرة أخي البروفيسور (الزبير بشير طه)، فإن (سنار) و(النيل الأبيض) تعتريها الوسطية وبسط الشباك وتقوية العضلات.. وليس القوى (أحياناً) هو بالصرعة، ولكن بالتماسك والحبال، حتى (البحر الأحمر).. وهكذا حتى جاءك يا (سودان) القمر الصناعي (سودان سات) أو (سودان آت)، وإن قال النبي المجتبى (صلى الله عليه وسلم) (رحم الله أمرءً أراهم اليوم من نفسه قوة)، تدافقت الجماهير كلها بالأمس (الأربعاء) لساحة القيادة العسكرية الغربية بالخرطوم لتقول- (أي الجماهير- للقوات النظامية بأيها أفرح بانتصار قواتنا الباسلة.. أم ببتر أصابع المارقين والمتسللين (أم بقيظة الدبابين وشد المئزر كل وقت وحين)، (فالربيع) إذن لكل (ربوع) الوطن.. وإذا لقي الرجل منكم الرجل فليسأل عن اسمه وممن هو وإلى أين.. والله أكبر