تتسرب الأيام من أعمارنا.. دون رجوع... كل لحظة تمر.. و ثانية تمضي تحسب على ماضينا.. فكل ما مضى من قبل يصبح تاريخاً.. وكل ما تأرخ لا يعاد.. فقط نرويه.. نحكيه.. نتذكره... نبتسم تارة.. ونتكدر أخرى.. ولكنها حياتنا.. هي تفاصيلنا.. لن نفصلها عنا.. ولكن السؤال.. كيف كانت الأيام التي مرت؟.. مالذي تعلمناه منها؟.. هل مضت كما يمضي السراب؟.. هل تبخرت.. دون أن تروي ظمأ المعرفة والإدراك؟.. هل ستكون تلك الأيام الماضية في صفحات الماضي.. علامات بارزات؟.. أم تفاصيل لا تستحق حتى أن تذكر! العام الماضي كان عاماً حافلاً.. مليئاً بالأحداث المتتابعة.. والمفاجئة.. حدثت فيه انقلابات وتغيرات جذرية.. غيرت حتى خريطة العالم.. تبدلت الحدود.. والأدوار.. وحتى الألقاب.. أصبح السودان اثنين.. والثورة شباباً.. معمر ذليلاً.. وحسني مداناً.. وبن علي هارباً.. والأسد ليس ملك الغابة.. ولا سيد الأحداث.. تغيرات فاقت كل التخيلات.. ولا ندري بماذا سيأتي هذا العام.. فالعام الماضي علمنا أن لا نثق بالزمن.. ولا بالمضمون.. وأن التغيير قادم في أثواب عديدة.. وأشكال مختلفة.. ولكنه سيأتي... أحياناً تأتيني لحظات من الشرود.. والسرحان.. في اللا شيء .. ويصعب عليّ الرجوع إلى الواقع.. فاتأمل الشرود .. أجد فيه بعض الراحة.. جميل جداً أن تكون غارقاً في لحظات غير مسؤولة.. ومستمتعاً بأوقات غير محسوبة.. ليس هناك غيرك.. أنت وخيالاتك.. ورغم سعادة اللحظات المسروقة.. فهي محسوبة على عمر الزمن.. وعلى أعمارنا.. فلنحاول أن نجعل تلك اللحظات قصيرة.. حتى لا تمضي كل حياتنا في الشرود.. وتأتينا عجلة التغيير ونحن في غفلة.. فتتأرجح مصائرنا.. وتعمى بصائرنا.. ويصبح الخطأ غير قابل للتصحيح.. كلما زاد عمق الحفرة.. أخفت أكثر.. كلما تعمقت في ذات الحقيقة.. أقتربت من فهم الواقع.. وكلما مرت الأيام.. زادت الخبرة والتعقل.. وأصبحت أكثر مقدرة على إنتاج الأفكار.. وصياغة الأحداث.. واتخاذ القرار.. وأصبحت تعرف معنى السعادة.. ونشوة الإحساس.. وعبرت عن نفسك بوضوح.. فلنجعل هذا العام عاماً للبحث عن المضمون.. عن الرضا.. عن الإيمان.. عن الحب.. عاماً من أجل تغيير حقيقي.. ولحظات مسروقة من السعادة تحسب في التاريخ.