لا أخفى عليكم أصبت بالفزع من حجم الرسائل والمكالمات التى تهنئنى وتتوقع منى الكثير فى «آخر لحظة» ..بدأت منذ سارت بالفكرة المعلم وكبيرنا الذى علمنا الاعلام..وعلمنا المحبه..بروف على شمو.. إذ قال لى ستقدم الكثير (لمصطفى ابو العزايم) ومدحه بما لو نقلته له لوقف فى نص البلد وهتف:هذا رأى البروف شمو فينى.وبعد نشر الترحيب ثم بعد كتابة العمود الأول ..أصبت بالفزع اكثر من هذا الحضور النوعى ..ومن كم الرسائل وكنموذج لها انقل لكم احداها دون ان اسمى الراسل لأننى لم استأذنه فى نشر رسالته وهى خاصة..وربما تكفى الإشارة اليه..هذا شاب إعلامى نابه وظريف المعشر إلتقيته وجها لوجه على الاكثر ثلاث مرات كتب:(مع حذف عبارات الاطراء رغم طربها)استوقفنى مقالك . -لابد من ضرب الهم بالفرح لأن لنفسك عليك حق وفى مجالك لقرائك عليك حق فمهما طرقتم على الابواب لابد أن نفتح لكم- اكتفى بهذه الانفاس الحارة والتوقع الجميل بجانب رسالة الاعلامى المتجدد عبدالعظيم عوض فى الصحيفة أمس..والمكالمات واللقاءات الشخصية..هذا السيل من التوقعات مفزع ..لأننى ببساطة مثقف مرتبك ..تربكنى بعض الهموم الثقافية والفنية ..القصة الجديدة ..ومدارس التفكيك..وقصيدة الخرطوم واغنياتها الجديدة المسماة «هابطه» ..تربكنى اكثر السياسة السودانية غالبا ما اجد نفسى عاجزا عن الحركة ضمن الوضع السياسى وإلى حد ما الاجتماعى فلست اطيق العلاقة الإستهلاكية بالسلطة التى تجعل منى مثقفا متلهفا على رضاها لا شأن لى بقضايا الاصلاح السياسى والاجتماعى والعلمى ..تربكنى ايضا مآلات ربيع الثورات العربية خاصة فى مصر يربكنى تضخيم فعل الثورة..وإلصاق الريادة بها ..فقد سبقها شباب الصين حين خرجوا الى ساحة (تيان آن مان)لرفض مقولة رجل احمر خير من رجل خبير بأعلى صوت.. ثم يربكنى تصنيفى باننى لست سياسيا ..وهذا واحد من اسباب تقديم إستقالتى من رئاسة تحرير «الجريدة» ..اننى ما (بتاع سياسه) ومع صعوبة تحليل صفة (بتاع سياسه)وأنها تستعصى على التصور الدقيق فما هى مهارات ان تكون بتاع سياسه ؟ فإذا كانت السياسة لهاثاً خلف المتنفذين ..ومطاردة لخبر او بضع اخبار فهذا عدوان على قسم الاخبار وتلك ليست مهمتى ولن اقوم بها حتى لو كانت النتيجة اننى «مابتاع سياسة» .. ارأيتم اننى ورطت نفسى وإن على الدأب على ارضاء كل هذه التوقعات - بيد اننى انظر الى السياسة من علِِِِِِ والذين يرون بانهم النخبة بل نخبة النخبة ويعمدون الى تهميش غيرهم من المثقفين الاترى أن ثمة تحالفا مقدسا (بين الاحزاب والبيروقراطيه) والتى تجعلها عاجزة عن مجرد اختيار قادة جدد ..إن المربك اكثر كيف تقنع الاجيال الجديدة بأن تؤمن بمستقبل الوطن وتنميته واصلاحه وإشاعة قيم الخير.. عموما لن اقول مافيش فايدة .. بل انتخب الامل واميل الى الرجاء بالنهوض من الضحالة والركاكة..لان الكلمة المسؤولة الهادفة ستنتصر !