نقطة واحدة فقط (تغير المعنى من الانعتاق إلى العبودية- من التحرر واحترام الذات والكرامة، إلى الذل والمهانة).. نقطة فاصلة بين حرفين مترادفين، تأتي بمعاني متضادة في الحياة.. ما أبسط ما يغير حياتنا.. ووجودنا ومصائرنا. إنه شيء كامن هناك في نقطة ما داخل ذواتنا اسمه (الإرادة) والتصميم.. اسمه أن نختار لأنفسنا الأفضل الذي يحقق لنا (السيادة) والاستخلاف في الكون سادة على أنفسنا وعبيداً لله!!. من قال إن الإنسان مسيِّر إلا وفق المشيئة الإلهية، ورهن تصريف الأقدار.. يكن قد جافى منطق حقيقة التخيير.. في أن الإنسان ينتقي ويرجح.. يفاضل ويوازن.. يحاسب نفسه، ويحاسب الآخرين، ويحاسبه الله أيضاً، وكلها شواهد مؤكدة، بأننا ( أحرار مسؤولون).. فيمكن أن يعدم الإنسان الحرية المادية، ويصبح سجيناً) أو مملوكاً أو مستعمراً.. بالإكراه والاستبداد.. القوة وحتى بالحق.. لكن ذات السجين يظل حراً فيما يحب ويكره فيما يعتقد، فيما ينوي ويضمر ولا أحد.. لا أحد يستطيع أن يقتحم عليه دواخله.. ولا حتى الشيطان، إلا إذا فتحنا له الباب وصادف إغراؤه هوى في قلوبنا!. إن الإرادة الحرة التي ترفض أن توضع تحت انتداب العبودية مهما أحاطتنا بملامح المدنية والحضارة.. هي ذات الإرادة التي حررت السودان من تحت وطأة (الأحذية اللامعة).. والأطماع الغربية.. فكيف تغير مفهوم (الحرية والاستقلال بعد مرور أكثر من خمسة عقود من الزمان)..! هل لازلنا.. أحرار؟.. أم عبيد نرزخ تحت هيمنة نفوسنا وصراعنا نحو تبديد طاقاتنا الجبارة، في زخم التوأمة وإغراءات الحياة التي تتقن فن (استقلال النفوس الضعيفة)!.. وكلما زاد علم الإنسان وقوة إرادته زادت مساحة حريته ودرجة اختياره.. والعكس..!. فحدود حريتنا نختارها نحن بأيدينا.. فالناس متفاوتون في هذه الحرية بتفاوت علمهم ومقاماتهم (بعداً وقرباً من الله).. فالإنسان يمكنه أن يبلغ أعلى المقامات حين يتحرر من قيود النفس.. ويقهرها لتطيعه، فيمكنه أن يتحكم فيها، وإذا ملكنا القدرة على إدارة أنفسنا يمكننا أن نصبح سادة في مجتمعنا الإنساني، ونجيد فك القيود.. وكسر الأطواق ورفض سيادة الغير، التي تحولنا من سادة إلى عبيد!! .. إن مفهوم (الاستقلال).. يعني رفض الاستغلال لكل ما يحيل.. حدائق النوار إلى مذابل.. واحراق القصائد قبل أن تخرج من المتون!.. زاوية أخيرة: والعام يمضي سريعاً كلوثة رسام عبثت ألوانه بأطياف النظر.. سرق من أيامنا شهوراً وترك لنا بصيص ضوء في الأفق.. وبعض بعض من خيبات الأمل!.