في لية استثنائية بمنتزه مزن السياحي بأم درمان، أعجبني إصرار د. الشيخ أبوكساوي معتمد أم درمان على أن يكون الاحتفال بالأطباء الأردنيين الذين أغلقوا عياداتهم بالأردن، والتي تدر عليهم دخلاً عالياً كل يوم في بلد السياحة العلاجية العربي، وجاءوا الى السودان بدعوة من منظمة وابل الخيرية التي ترأسها السيدة الفضلى جميلة عبد الرازق لاجراء عشرات عمليات العيون المجانية بمستشفى الوالدين بأم درمان، على أن يكون الاحتفال مختلفاً في مكانه ومضمونه، مختاراً أن يكون الاحتفاء داخل منتزه المزن فوق البحر، ليمتع أطباء العيون عيونهم بجمال المياه والخضرة، ويشنفوا آذانهم بحلاوة الكلام، فقد اختار المعتمد أن يكون حديثه عن العيون الملهمة للشعراء، وعن أم درمان الحبيبة لنفوس أهلها، وعيون أم در وبيت المال، مدهشاً الحضور بالكم الكبير الذي يحفظه من أغاني العيون، مع إشاراته اللطيفة لمواطن الجمال في كل أغنية، الشئ الذي جعل أول متحدثي الوفد الأردني يقول.. إن معتمد أم درمان شاعر فيلسوف.. وقال آخرون إن ما وجدوه من حفاوة في السودان، ظل يتكرر في كل مرة يأتون اليه بدعوات من منظمة وابل الخير، التي وصفوها بالمنظمة التي نذرت نفسها لأعمال الخير، واستطاعت أن تجعلهم يتركون عياداتهم بالأردن، ليأتوا للسودان لفعل الخير... والمدهش في حديث الأطباء إشارتهم الى ارتفاع أعداد المصابين بأمراض العيون، بسبب حرارة جو السودان، وقولهم إن أي سوداني مصاب بالسكر، يجب أن يراجع طبيب العيون كل ستة أشهر، وألا يغيب غير مرضى السكر عن الطبيب لأكثر من عام، وارجعوا كثيراً من حالات العمى في السودان الى الإهمال في مراجعة الأطباء في وطننا ذي الطقس الحار، وأعجبني أكثر في الأطباء الاردنيين الكبار تأكيد استعدادهم الذهاب الى الجنوب في أي وقت تطلب منهم منظمة وابل ذلك، برغم ارتباطاتهم بالأردن، وبرغم ما تدره عليهم أية عملية عيون هناك، لكنهم في الليلة الشاعرية قالوا إنهم من أجل عيون أهل السودان، يمكن أن يضحوا بالمال والوقت والراحة. أخيراً إن روح أطباء الأردن الذين دأبوا على إقامة المخيمات العلاجية المجانية بالتنسيق مع منظمة وابل بعدد من ولايات البلاد، تستحق الاحتفاء بها، كما تستحق منظمة وابل الإشادة على استقدام أطباء كبار يوفرون للمرضى مبالغ طائلة كانوا سينفقونها في الوصول للأردن والعلاج على أيديهم.