لم يكن يوم أمس مثل كل سبت عندي.. فقد تجاوزت أن أبدأه بالإطلاع على الصحف وتفوير الدماغ بخطرفات باقان أموم ولت وعجن السياسة وبدأته بتلبية دعوة لحضور جلسة افتتاحية لدورة لإعداد المقبلين على الزواج لجعل حياتهم مثالية خالية من الخلافات والنهايات غير السعيدة وهناك اتضح لي أن الدورة غير قاصرة على المقبلين الجدد وأن قاعة الشهداء بأم درمان تمتلئ على سعتها بالقادمين الجدد للزواج وبالقدامى أيضاً وعرفت أن الدورة ليست هي الأولى التي تنظمها جمعية وابل الخير الخيرية التي ترأسها الأستاذة جميلة عبد الرازق وإنما هي الخامسة المهم أنني وجدت نفسي أمام الخبير الأردني د. فتحي مطاعنة المستشار في الشؤون الأسرية ومدير مركز الوفاق الأسري بالأردن والذي بدأ حديثه بالسؤال هل يمكن أن يقود الشخص سيارة لأول مرة دون أن يخضع الى تدريب يعرف من خلاله كل شيء عن القيادة ليتمكن من القيادة والضغط على «الفرملة» في الوقت المناسب مع استخدام الإرشادات بحسب المتطلبات؟؟ ثم تساءل عن هل بمقدور الإنسان أن يستخدم الحاسوب من أول مرة دون أن يتعرف على طرق استخدامه؟! ليقول: هكذا الزواج فهو بحاجة إلى تدريب و في الأردن هناك مكاتب للاستشارات يلجأ إليها المقبلون الجدد على الزواج ليتجنبوا الوقوع فيما يتسبب في التعاسة الزوجية والخلافات أو الطلاق ليمضي الحديث في القاعة الممتلئة داخل جامعة القران الكريم بأم درمان في سلاسة ويروي البعض كيف استفادوا من الدورة الأولى حيث قالت إحداهن إن د. فتحي طلب في الدورة السابقة من كل الحاضرات من المتزوجات أن تتوجه كل واحدة من مكانها للسوق لتشتري هدية مناسبة لزوجها وكيف أنهن فعلن ذلك وعندما جئن في اليوم التالي للدكتور سألهن عن ردود أفعال أزواجهن فقالت واحدة إنها اشترت «فتيل» ريحة وقامت بتزيينه بورقة الهدايا وأن زوجها أبدى اندهاشه مما شاهده امامه وسألها «بنهرة» ده شنو؟ فقالت له إنها هدية لك فعجز عن أن يقول شيئاً أما زوجة الأستاذ الجامعي «...» فقد قالت إن زوجها عندما سلمته الهدية نظر إليها بحب كبير وخرج وعاد إليها بهدية أغلى ثمناً وهكذا استمرت الحكايات ليقول د. فتحي إن الزواج الناجح له مفاتيح كثيرة لابد من التعرف عليها ومن بينها الهدايا لأغادر القاعة التي ستستمر فيها الدورة المفتوحة لكل الناس لخمسة أيام يتم فيها إعداد الأزواج بأسلوب مشوق وطرق علمية لحياة زوجية سعيدة.. وهذا ما لا نهتم به في الماضي مما جعل الطلاق يكثر في المجتمع والخلافات تتزايد برغم تزايد التعليم الأكاديمي.. ولم أجد وأنا أخرج غير أن أشكر الأمين العام للجمعية على الأفكار الجديدة المطلوبة والتي لم ينفذها اتحاد المرأة ولم تفعلها وزارة الشؤون الاجتماعية بالخرطوم في زمان الكل يهرول فيه للظهور في ساحات السياسة وحدها.. فشكراً وابل الخير على هذا الخير وانت تقدمين مثل هذه الدورات على أيدي خبراء دوليين وفي الوقت ذاته تواصلين إقامة المخيمات الطبية في كثير من ولايات السودان وتشاركين في مراقبة الانتخابات و و و فالكيانات تكبر بهمة القائمين على أمرها لا بالامكانات المالية فما تفعله وابل لا تفعله غيرها من منظمات مليارية الامكانات المادية فهي منظمة عمرها قصير جداً لكنها بدأت بقوة في كل المجالات واستطاعت أن تجري قبل أيام عشرات العمليات الجراحية المجانية للفقراء في مستشفى الوالدين بأم درمان على يد أطباء أخيار من الأردن استجلبتهم المنظمة وهذا منهج ومبادرات نحتاجها لنخفف من معاناة وتكاليف السفر للأردن للعلاج.. كما أسعدني اتجاه المنظمة الذي أعلنه أمينها العام في الجلسة الافتتاحية للدورة بإقامة مكاتب لها في كل ولاية الخرطوم مهتمة بالاستشارات الأسرية ومعالجة المشكلات و و و فشكراً لهذا العمل الطوعي الذي نريده.. شكراً جزيلاً لكل من يتطوع بوقته وماله لخدمة المجتمع في زمان صار فيه الوقت غالي لمجابهة هموم الحياة. أخيراً.. هذه الفكرة الممتازة لضمان استقرار الأسر تقودنا للسؤال عمن يلتقط القفاز ويقود فكرة مماثلة لإعداد القادة في بلادنا فنحن من الدول القلائل التي لا يعد فيها القائد لأي مؤسسة بإخضاعه لتدريب مكثف قبل توليه للموقع حتى نجنب المؤسسة التي سيديرها أن تكون حقل تجارب وتعلم والفكرة موجودة في كثير من الدول بما فيها أثيوبيا التي أقامت مركزاً لتأهيل القادة فلا يصبح أحد مديراً أو وزيراً إلا بعد أن يكمل التدريب والإعداد للمهمة التي تقرر أن يتولاها.. وما أحوجنا لذلك حتى ينتهي مسلسل التغيير والتبديل المستمر والفشل المتكرر لمن لم يتم تأهيلهم للمواقع.