بمشاركة عدد من وسائل الإعلام المحلية، أعدت وزارة البيئة والهيئة القومية للغابات والتنمية العمرانية برنامجاً تنموياً بمناسبة عيد الحصاد الغابي السادس بولاية شمال كردفان، وذلك في الفترة من 25 حتى 27 ديسمبر الماضي، وذلك في إطار الوقوف على المشاريع الزراعية المختلفة، الى جانب الإنتاج الغابي السنوي في عدد من المناطق الرئيسية، وصولاً لمدينة النهود التي تحتضن الاحتفال بحضور وزير البيئة والغابات حسن عبد القادر هلال، ونائب والي ولاية شمال كردفان، ومعتمد محلية النهود، وعدد كبير من رؤساء الإدارات والمسؤولين، بجانب منتجي الصمغ العربي بالولاية. بداية الرحلة كانت البداية من الخرطوم مقر رئاسة الهيئة القومية للغابات، الكل متشوق لمشاهدة الطفرة التنموية التي شهدتها حاضرة شمال كردفان، تلك الأرض الواعدة بانتاج الصمغ العربي، حيث نزلنا بغابة ود الزاكي قبل الإفطار برفقة الوزير، وكانت مشاهدة الكثبان الرملية، واستزراع الغابات، وأشجار المرخ والسيال، ونثر بذور السنمكة والحنظل، وقد سبق الوزير الجميع بزراعة شجرة نيم، تقرر أن تكون باسمه، ثم تبعه الإعلاميون يشاركون بزراعة شجرة أخرى باسمهم، وخلال الوقوف بغابة ود الزاكي تملكتنا الدهشة عند دخولنا مشاتل الزهور، التي فاحت روائحها لتملأ المكان، وكأنما هي فرحة بقدوم الجميع.. كان مشهداً غاية في الروعة، حيث طلب مدير الغابات بالنيل الأبيض من الوزير مدهم بالمزيد من الشتول نسبة لزيادة الطلب عليها، وأن عائداتها كبيرة، إضافة لتزيين المنطقة بالأزهار المختلفة، وقد رحب الجميع بالفكرة، ووعد الوزير بالاستجابة الفورية، وكان ذلك إضافة حقيقية وبداية عملية للغابات.. والنقطة الثانية كان الوقوف عند غابات زراعة قصب السكر وأشجار البان، وقد خصصت مساحة 5% لمشاريع السكر بولاية النيل الأبيض، وتلا ذلك مشاهدة كيفية تشجير جانبي الطريق البري بأشجار النيم والبان، ثم دخلنا طريق أبو جبيرة بمنطقة الدويم لنرى تشجير غابات مشروع سكر النيل الأبيض، وعند الظهر من نفس اليوم كان الوقوف شمال منطقة الكوة، حيث انحصر النشاط فيها في المتاجرة بالمبيعات الغابية والصناعية، وزراعة غابة السنط، حيث كان في استقبالنا حشد كبير من المسؤولين بالمنطقة، مستبشرين بالوزير الجديد خيراً للبلاد عامة، خاصة لما اشتهر به من اجتماعيات وسعة قلب.. في البدء قدموا التهاني لثقة رئيس الجمهورية به وبالوزارة، وقبل الوصول لولاية شمال كردفان توقفنا عند مدينة أم روابة الرائعة، التي استقبلتنا بحفاوتها وطيبة أهلها، فضلا من ارتوائنا بمائها العذب، ووصلنا مدينة الأبيض مساء لقضاء الليلة بها، وقد تبين لنا من سكون المنطقة والهدوء المخيم عليها أن أهلها يخلدون للنوم باكراً، والاستيقاظ باكراً لممارسة أعمالهم بنشاط، مما يجعل من الراحة عنواناً للمكان، قضينا الليلة باستراحة الضيوف بمدينة الشارقة، وصباح اليوم الثاني كان الكل مستيقظاً لاستئناف الرحلة حسب ما ورد بالبرنامج الاحتفالي، وحقاً كان رائعاً، تزودنا بالمعرفة وثقافة غرب السودان، خاصة وأن البرنامج كان متزامناً مع احتفالات البلاد أولا بالقضاء على أحد متمردي حركة العدل والمساواة.. ثانياً عيد الحصاد، وعيد الاستقلال المجيد.. توجهنا صوب مدينة النهود وقبل الدخول توقفنا عند حقول انتاج الصمغ بحلة اسماعيل، حيث انتشرت أشجار الهشاب، وقد شاهدنا طق الصمغ، هذا المنتج الاقتصادي والمستهدف الرئيسي لبرنامج الاحتفال وانتاج الغابات لهذا العام، كان لقاء جماهيرياً مع الوزير بصحبة نائب الوالي، ومعتمد المحلية والمنتجين، وأطلعنا على تجربة التمويل الأصغر، ومدى تأثيره على المشروع، والجمعيات التعاونية، الأثر الإيجابي للمنطقة، وفاق عدد الجمعيات ال20 جمعية منتجة أكثرها من النساء، وقدم الوزير خلال لقائه بالجمعيات باقة زاهية من الكلمات تفاعل معها أهالي المنطقة بالزغاريد والغناء، وكانت الفتيات يقدمن ثمار المنطقة للحضور كرماً لم أشهد له مثيلاً، ودعم حديثه بدعم الأهالي بمبلغ 10 آلاف جنيه للاسهام في تطوير المنطقة، وافتتح قاعة المحاضرات بمركز الارشاد الغابي، وتخلل ذلك معرض للمنتجات الغابية، تمثلت في الثمار- والمحاصيل- والأدوات المصنعة من أشجار الهشاب- والسنط- واليقطين، عرضت بشكل أنيق وتراثي، سلبت إعجاب الحاضرين خاصة المصنعات التراثية، التي عكست ثقافة أهالي كردفان، كان للوزير لقاء مهم بالقاعة الجديدة بمدينة النهود بكبار المنتجين، حيث طمأنهم بالوقوف الى جانبهم معنوياً ومادياً، كان حديثاً أثلج القلوب، حيث قال أنا أخ لكم قبل أن أكون وزيراًَ، وداري مفتوحة دائماً كما أبواب وزارتي مفتوحة.. ودعا الجميع الى أن يساندونه في أ داء رسالته على أكمل وجه، وليكون عند حسن ظن الجميع.. هذا الحديث بكى له الحضور، وعند ظهر ذات اليوم توجهنا جميعاً الى حلة أبوحميرة من ضواحي النهود، حيث الاحتفال، وحينها افتتح وزير البيئة محطة مياه خزان أرضي بكامل ملحقاتها، بصحبة نائب الوالي ومعتمد المحلية وسط الحشود التي لم تشكِ من وهج النهار والشمس الحارقة، وقدموا لنا ما لذَّ وطاب من ثمار وعصائر العرديب- والقنقليز- والصمغ العربي- الذي قدم كحلوى تذوقه الجميع، وتخلل الاحتفال غناء وطني وحماسي، تفاعل معه الجميع صغاراً وكباراً بالهتاف والرقص، ووجد استحساناً وجواً مليئاً بالإلفة والفرح.. وختمت الاحتفال الحكامة (حواء). و قدم دعماً يقدر ب8 آلاف جنيه لأهالي أبوحميرة تحفيزاً لمنتجات الصمغ العربي، ولزيادة الانتاج، وتوجب علينا العودة لمدينة الأبيض مرة أخرى.. حيث اجتمع مدير عام الهيئة بالوفد الإعلامي المصاحب للاعتذار عن تأخير الرحلة، والتشاور حول برنامج اليوم الثالث، وأثنى الجميع على الفكرة بالوقوف على تجربة الغابات في زراعة الجاتروفا بغابة (كليكس)، الواقعة في محلية ربك بولاية النيل الأبيض، بمساحة مخصصة تقدر ب3.5 فدان للاستزراع، وطريقة الزراعة مروية، وعمر الزهرة حتى الآن أربعة أشهر، لانتاج الزيوت، وأوضح مدير عام الهيئة عبد العظيم ميرغني أن تجربة الجاتروفا ناجحة حتى الآن، والدراسات مازالت جارية حولها، وهي جزء من المساحات المحجوزة للغابات- 168 فداناً- وأن الشجرة تثمر بعد ثلاث سنوات، وتعيش لثلاثين عاماً.. وبعد ذلك تم التوجه للخرطوم، والكل يحمل شعوراً رائعاً.