ü هل حقاً السودان هو بلد الفرص الضائعة؟؟ وهل ما نرفضه اليوم من حلول لمشكلاتنا بالمجان ونرفضه سنبحث عنه غداً بالدولار ولا نجده؟؟ في استدعاء فقط لتاريخ قريب جداً وتحديداً في عام 1991 تقدمت الولاياتالمتحدةالأمريكية بمبادرة لطرفي النزاع حينذاك (الحكومة والحركة الشعبية) للاتفاق على سلام ووقف القتال من خلال حزمة من إجراءات عسكرية وتدابير بفصل الجيشين وتحديد مناطق انتشار للقوات من الطرفين.. وسياسياً نصت المبادرة الأمريكية حينذاك على وحدة السودان وتميز جنوب السودان عن بقية الولايات الشمالية في القوانين والتشريعات على أن يدير الجنوبيون أنفسهم تحت قيادة (يختارونها).. واشترطت الحركة الشعبية القبول بالمبادرة الأمريكية في حال انسحاب الجيش من الجنوب وتمركزه فقط في المدن الكبرى جوبا.. واو.. ملكال.. ورفضت الخرطوم المبادرة الأمريكية حينذاك واعتبرتها مؤامرة أمريكية للانتقاص من سيادتها بتميز الجنوب عن الشمال وفرض نظام علماني على بعض أجزاء السودان.. بينما التكليف الإلهي للإنقاذ يقتضي أن تبسط دين الله لا في جغرافية السودان فحسب إنما في طاجكستان والبوسنة وبوركينا فاسو. ü في مفاوضات 1997م بأديس أبابا أتت الحركة الشعبية حينذاك في نظر الحكومة (شيئاً إدّا) حينما طرحت النظام الكونفدرالي لمعالجة التباين الثقافي والديني بقيام دولتين يجمعهما اتحاد كونفدرالي فضفاض وسياسة خارجية واحدة ونظام دفاعي واحد وعملة واحدة واقتصاد موحد والنص في الدستور على قسمة الموارد.. ومثلما رُفضت المبادرة الأمريكية تم رفض أطروحة الحركة الشعبية حول النظام الكونفدرالي وفي عام 2009 أخدت الخرطوم تبحث عن النظام الكونفدرالي ولم تجده بينما بددت فرص وحدة البلاد.. ü اليوم يطالب المتمردون في جبال النوبة والنيل الأزرق بالحكم الذاتي.. وفي يوليو من العام الماضي حينما وقع د. نافع علي نافع مع (مالك عقار) على اتفاق أديس أبابا كان خيار الحكم الذاتي غير مطروح على طاولة التفاوض.. ولكنه اليوم أصبح مطلباً ملحاً لحاملي السلاح، ولكنه يجد الرفض من قبل الحكومة وتعتبر الحكم الذاتي دونه (خرط القتات).. من تجارب الأمس وما رفض في أديس وأبوجا فإن مطالب اليوم سيتجاوزها الغد ومع كل بزوغ شمس واشتعال مزيد من الحرائق تتباعد المسافات ويصبح الحرام اليوم حلالاً الشهر القادم!! واليأس من فرص الوحدة قسم البلاد لدولتين.. والتمادي في رفض الحلول والرهان على البندقية وحدها يهدد وحدة ما تبقى من السودان وإن غداً لناظره قريب!!