الدكتور مندور المهدي.. لك السلام والتحايا وما زلنا.. نتجاذب معك أطراف الحديث.. وندخل مباشرة في «الغريق» أو نلامس مباشرة اللحم الحي.. بل قد نصل إلى العصب الحي.. أدهشنا حد العجب.. سرعة نفي المذكرة التصحيحية أصلاً.. ونسألك في هدوء.. لماذا هذا الفزع.. وكأنكم تحسبون أي صيحة عليكم.. ونواصل الأسئلة الساخنة ونقول.. وماذا لو إنتقد أداء حكومتكم أو حزبكم أو حتى اخوتكم أو أية جهة أوتنظيم أو حتى مواطن.. وهل انتم معصومون من تنكب الطريق.. أو اقتراف الأخطاء.. ونسأل في جرأة.. هل انتم ملائكة هبطوا من السماء.. أو رسل معصومون من الخطأ.. أم أنتم بشر مثلنا.. تصيبون وتخطئون.. وإن بدت لكم أن كلماتي هذه جرأة.. أو حتى تهور.. أو تخطياً للحدود.. ترقى إلى حواف الوقاحة نحيلك مباشرة إلى كتاب «حياة الصحابة».. وبين دفتيه تجد قصصاً تفيض بهاء وتتدثر فضائل.. وتبهر دروساً.. وصحابة بل خلفاء أجلاء.. حكموا بشرع الإسلام المطهر.. تجدهم كانوا يلتسمون النصيحة المخلصة من أفراد رعيتهم.. كانوا يستمعون في إنصات للنصائح مهما كانت مبحرة في الغلظة والقسوة والتخويف.. كانوا يجيبون ويستمعون إلى ناصحهم بالدموع خوفاً وخشية من غضب الله في ذاك اليوم الرهيب.. الذي يذهب إليه هؤلاء الأئمة والحكام بلا حرس ولا سياف.. ولا عسس ولا حاشية ولا سلطان ولا صولجان.. واعلم يا دكتور.. أنكم أيضاً ستذهبون إلى ذاك اليوم.. أفراداً مثلكم مثل أي فقير ومسكين.. لن تفيدكم عضوية المؤتمر الوطني.. تلك الحاشدة هنا في الطرقات والساحات.. لن تحميكم أبداً القوة مهما تعاظمت.. ستذهبون بأعمالكم فقط هي الساتر لكم.. أو الضعيفة البائسة المهترئة وهي لن تغنيكم شيئاً. ونعود إلى المذكرة.. ولو كنت مكانكم.. لاحتفلت واحتفيت بها أيما احتفاء.. وبالله عليكم.. راجعوا صدر المذكرة تلك المنشورة على صفحات الانتباهة حرفاً حرفاً.. تجدون ما يسركم.. والذي يسركم لا يخرج إلا من أخوة لكم.. فأي حزب أو جهة أو جماعة.. تقول في صدر المذكرة.. إن استيلاء الإسلاميين للحكم عشية الانقلاب الإنقاذي إنه اجتهاد مبروك.. وأنه حقق خيراً كثيراً.. وأن أبواب التضحية قد أشرعت أبوابها.. وتدفق من خلالها خلق كثير.. وأن البلاد تجتاحها نهضة اقتصادية هائلة، ومشروعات غير مسبوقة. وتواصل المذكرة إضاءة فضائل وجمائل.. وهبات وعطايا.. وإعجاز وإنجاز الإنقاذ للوطن، حتى تصل إلى «دغمسة» فصل الجنوب، وكيف أن الهوية الشمالية كادت تطمس.. وهو في نظر ورأي المذكرة.. أنه انجاز وعمل صالح قامت به الإنقاذ.. وبالله عليكم يا دكتور التفت حولك.. فقط حولك.. واسأل نفسك أولاً.. هل يمكن أن تكون الانجازات المنسوبة إلى الإنقاذ هي كذلك في عرف ورأي حزب الأمة أو الاتحادي.. أوالشيوعي.. أو البعثي.. دعك من هؤلاء أسأل حتى الذين معكم في المركب من الأحزاب التي تحالفت معكم في الحكومة العريضة.. اسألهم.. هل تعتبرون وتوافقون على كل ما ورد عاليه تفخيماً وتمجيداً للإنقاذ؟ سيدي الدكتور.. نحن قرأنا المذكرة كاملة.. أدهشنا شقها الأول.. المتعلق بتلك الانجازات التي لا نرى إلا أن المذكرة تتحدث عن بلد آخر وليس السودان بأي حال من الأحوال.. قد يكون الحدث عن «أمارة موناكو» أو «بافاريا» في دولة المانيا الاتحادية.. أو مقاطعة «ويلز» أما عن السودان.. فلا.. نعم بالمذكرة.. جرأة ورشد ورشاد في مطالبها.. في توصيفها للحال.. في طلبها للتصحيح.. ونصيحة لوجه الله لا نريد فيها جزاء ولا شكوراً نقول.. إن هذه المذكرة واضائتها لكل تلك السلسلة من الأخطاء.. يعرفها الشعب فرداً فرداً.. وعليه أن هذه المذكرة هي طوق النجاة.. نجاة الوطن من أي طوفان أو انفلات.. وتالله لو كنت مكانكم.. لنفذت تلك المطالب بنداً.. بنداً.. بل حرفاً.. حرفاً.. والشعب السوداني.. شعب سمح ومتسامح.. يغفر ويعفو.. فقط اكنسوا في جدية الفساد.. ثم ابتروا كل من تبوأ منصباً لا يستحقه أثناء عاصفة التمكين.. اشيعوا العدالة بين الناس.. أحكموا بشرع الله المطهر.. ونحن نعرفه حرفاً.. حرفاً أو أعلنوا صراحة.. أنكم دولة مدنية مثلها مثل الدول التي لا تدعي أنها إنما تحكم باسم الإسلام.. فالإسلام الذي نعرفه لا يقر هكذا سيلاً من التجاوزات.. ولكن سؤالاً.. لا أعرف له إجابة.. هل هناك كيان تحت مسمى الحركة الإسلامية تلك التي وأدها شيخكم.. لك ودي.