في منتصف السبعينيات تم اختياري ضمن كوكبة من الصحافيين لمرافقة المريخ للقاهرة بدعوة من نادي السكة حديد المصري، وكان الفريق المصري وقتها في الدرجة الثانية، وفي القاهرة استهل المريخ مبارياته باللعب مع السكة حديد صاحب الدعوة وقدم مباراة سيئة، وكانت صحيفة القوات المسلحة التي اترأس قسمها الرياضي وأمثلها في الرحلة، توزع في مصر جنباً إلى جنب مع الصحف المصرية، وتوزعت بعثة المريخ على فندقين بالقاهرة، مجموعة الأقطاب والصحافيين وكبار المشجعين الذين اصطحبهم المريخ في الرحلة تكريماً لهم في فندق، والبعثة المكونة من اللاعبين وإدارييها في فندق آخر، وفي اليوم الذي وصلت الصحيفة للقاهرة كان أحد كبار رجالات مجلس الإدارة يحملها لنا في الفندق وبدأ في قمة غضبه وهو يحدثني أمام بعض الزملاء على أساس أنني وجهت انتقادات شديدة على أداء المريخ وبالمانشيت كتبت: أسوأ مباراة أشاهدها للمريخ في حياتي أمام فريق درجة ثانية.. الخ، وكان الإداري الكبير يقول لي عندما اصطحبناك معنا كنا نعلم أنك هلالي ولكننا ما كنا نتوقع أن تكون أنت وحدك من بين زملائك أن تطالعنا بهذه التغطية التي حملت ووجهت أصعب الانتقادات للمريخ، وأذكر أنني تعاملت مع موقف إداري المريخ الكبير بردة غاضبة وعنيفة إلى الحد الذي جعلني أحمل بسرعة حقائبي لمغادرة فندق بعثة المريخ احتجاجاً على انتقادات إداري المريخ لي، وأنا أهم بذلك ووسط رجاءت بعض الزملاء بالتراجع، كنت والزملاء وإداري المريخ وجهاً لوجه مع أبوالعائلة رجل المريخ القوي، وما أن عرف حقيقة ما جرى حتى طلب الصحيفة وقرأ التغطية سطراً سطراً، وعندما انتهى من مطالعتها شد على يدي ووجه حديثه لإداري المريخ قائلاً نحن لا نريد من الصحافة أن تقول لنا كل شيء تمام فقط، لأننا اصطحبناها معنا، نريد من الصحافة أن تكشف لنا سلبياتنا حتى نعالجها ولا نريد منها أن ترسم لنا صورة إيجابية في الوقت الذي نعايش فيه صورة سلبية مثل تلك المباراة التي لعبها المريخ أمام السكة حديد، فقد كانت مباراة باهتة لا لون لها ولا طعم، فأسقط الأمر في يد الإداري المريخي الكبير، واطفأ أبوالعائلة غضبي وطلب مني الرجل القوي بلطف شديد أن أبقى حيث كنت، وأن أبقى مع المريخ حتى نهاية رحلته بالإسماعيلية، وبلغ اهتمام الراحل أبوالعائلة بي أشده عندما اصطحبني مع المريخ للكاميرون في الرحلة الشهيرة، وعندما تركت صحيفة القوات المسلحة وأسست مع الأخ النعمان (نجوم وكواكب) وضعني ضمن ثلاثة صحفيين لمرافقة المريخ للمغرب بدعوة من الوداد، إلا أنني اعتذرت للعمل الضخم الذي كنت أقوم به في الصحيفة الوليدة، وسافر الأخ النعمان وكان وقتها رئيساً للتحرير، بينما كنت أتولى سكرتارية التحرير. ٭ الحقيقة لقد تذكرت هذه الحكاية التي أصلاً لم تغادر عقلي ووجداني، وعدت بالذاكرة لها وأنا أتابع ما جرى في الإسماعيلية عندما منعت إدارة نادي الهلال مندوب صحيفة المشاهد الزميل دمباوي لمجرد أن الصحيفة أو الصحفي وجه انتقادات للهلال أو رئيسه أو مجلسه. ٭ لقد انتابني حزن شديد لهذا الموقف الإداري مما جعلني أضرب مثلاً بأبوالعائلة كمقياس للتحضر والقبول بالرأي الآخر من الصحافة الرياضية رغم قوة الرجل المعروفة، إلا أنه لم يزدري الرأي الآخر بالرغم مما تحملته البعثة من أعباء مالية جراء مرافقتي للفريق على حساب المريخ، ناهيك أن يسافر مندوب المشاهد على حساب صحيفته ويتكبد كل هذه المشاق من أجل خدمة الهلال وليس المشاهد وحدها. ٭ لو كنت محل إدارة الهلال لاستضفت مندوب المشاهد، بل حتى لو كان مندوب جريدة المريخ دون خوف من الرأي الآخر، لأنه يمثل قيمة حضارية لا مثيل لها.