إن تغيير مفاهيم وسلوكيات مجتمع بأكمله أمر بالغ الصعوبة.. والتعقيد.. فهذه المفاهيم.. إما هي قديمة تعودها الناس بموجب الأعراف والتقاليد السائدة، أو جديدة وافدة.. اقتضاها الزمان والتطور والتجديد..! تطالعنا الصحف كل يوم بعناوين.. وموضوعات يستنكرها مجتمعنا المحافظ (عرض أزياء مختلط في أحد الأندية..) (النظام العام في القضارف يلقي القبض على فتيات جامعيات لإرتدائهن زي فاضح..) (سائق ركشة يستدرج فتاة.. ويوزع مشروبات كحولية)(فتيات يدخن الشيشة في الكافيهات على عينك يا تاجر..)وغيره من السلوكيات الغريبة التي أصبحت تملأ الشارع السوداني وتزيِّن مانشتات الصحف.. وعلى الرغم من زيادة الحملات النظامية.. ومحاكمة المخالفين للقانون.. وإفراغ مداد كتاب الصحافة.. والمهتمين بالشأن العام.. إلا أن أماكن الشيشة لا زالت قائمة.. ومرتاديها من الجنسين.. في ازدياد مضطرد.. والركشات تملأ الشوارع. والازياء أصبحت أكثر شفافية والتصاقاً..! وكثير من البلاوي التي لا يسع المقام لذكرها..! فما السبب الأساسي الذي جعل كل تلك المعالجات (تذهب أدراج الرياح)..؟؟ وهل تراجع كل جهة مسؤولة انجازاتها وتكتب تقاريرها.. بكل شفافية وصدق.. (برسوم بيانية) توضح انحسار أو ازدياد الظواهر السالبة..، أو المخالفة للأعراف والقانون..، وتكتب مسبباتها.. وتبتكر طرق جديدة لمعالجتها.. إذا أثبتت التجربة.. أن المعالجات السابقة لم تجد نفعاً!!؟ لا ينكر إلا مكابر أن الغالبية العظمى من مسؤولي الدولة يعملون لمصلحة هذا البلد.. ولا مزايدة اطلاقاً في وطنيتهم أو حبهم وغيرتهم عليه..! ولكننا أيضاً.. نلاحظ كثير من القصور والإهمال والتجاوزات في كثير من الوزارات ومؤسسات الدولة..! فلماذا تمنع الدولة مرور الركشات.. ببعض الطرق وتتحدث الصحف عن عيوبها.. وتفرض شرطة المرور على سائقيها غرامات تساوي إيراد بضع أيام.. أو تصادرها وتجمعها في (حوش كبير تابع للمرور؟؟) وترفض تجديد ترخيصها..!؟ إذا كان الجواب حفاظاًَ على حياة المواطنين لخطورتها لعدم مطابقتها لمواصفات السلامة.. ومنعاً للجريمة.. وتنظيماً لحركة المرور..!!! فلماذا جلبت الدولة الركشات أصلاً..! وأخذت عليها جمارك وضرائب وغيرها..! فالمواطن يبحث دوماً عن وسائل للرزق والركشات أصبحت بكل عيوبها وسيلة متاحة موجودة داخل الدولة لا بل جلبتها الدولة عبر موانيها.. واشتراها المواطن (بحر ماله).. ودفع رسوم ترخيصها وغيرها.. فلماذا بعد ذلك يمنع استعمالها.. ويحارب في أكل عيشه؟! إذا أثبتت التجربة أنها وسيلة فاشلة.. فالتأخذ الدولة الركشات وتشتريها من أصحابها.. وتعيد بيعها لدولة أخرى.. أو تعوض أصحابها.. ليجدوا بديل أفضل.. وأكثر أماناً.. ولتتوقى الدولة الحرص.. في (الوارد دائماً.. قبل أن تسمح بدخوله البلد... وما أن يستخدمه الناس لمنفعتهم.. حتى تبدأ.. القانون.. واللوائح.. فاعله..)..!وينطبق ذات الفهم على الملابس والأزياء المعروضة في الأسواق والمحلات.. ألم تدخل هذه الملابس إلى البلد بطريقة قانونية واستوفت الدولة حقها من جمارك ورسوم محليات وحتى زكاة.. منها.. وهي متاحة.. في متناول اليد..! فماذا ستلبس الفتيات؟؟! إن كانت الأسواق.. كلها مليئة بذات الأشكال التي تستنكرها الصحف وكل المجتمع.. كذلك الشيشة التي جلبها الأفراد.. بالطرق الرسمية وفتحت لها محلات مرخصة استوفت المحليات رسومها.. والدولة جماركها..! فلماذا بعد ذلك يمنع تدخينها..! فهل (الغرض منها شئ آخر غير التدخين..) واذا كان المقصود بتلك الحملات النساء.. فلماذا لا توضع لوائح وقوانين تمنع النساء من ارتياد أماكن الشيشة أو تمنع دخولها إلى البلد اصلاً..!نحن ضد كل هذه المظاهر الدخيلة الغريبة على مجتمعنا.. وضد سوء استخدام المتاح.. ولكن إذا أرادت الدولة أن تمنع كثير من الممارسات فل يكفي القبض على من يفعلها.. (فإننا لو افرغنا الشجرة من ثمارها كلها لأنها سامة.. فستنبت من جديد طالما أن الجذور باقية ضاربة في أعماق الأرض..) ولا بد أن تراعي الدولة الموازنة بين مصلحة المواطن ومصلحتها.. ولا بد لأرتال الوزراء والمستشارين.. ووزراء الدولة.. العمل بخطط مدروسة.. لما يجب أن يكون فإن المصادرة والغرامة.. والقبض (وسائل آنية) لا تعدم من يتحايل عليها! وقبل أن تمنعوا الشيشة والركشات والأزياء الفاضحة.. ضعوا قوانين ولوائح ونظم.. حتى في طريقة استيرادها.. والزموا النوادي والجامعات والمدارس.. وكل أماكن التجمعات بقوانين تعلق خارجها ليعرفها ويقرأها كل من يرتادها حتى لا يتحايل بعدم معرفتها (فإن كثير من الناس يجهل القوانين) وإذا أردتم الحشمة لبناتنا (وكلنا يريد ذلك) فضعوا مواصفات للتجار بنوع الملابس التي يسمح باستيرادها (ووحدوا الزي الجامعي) وعوضوا من صادرتم ركشته أو محله أو ملابسه فتلك هي العدالة.. ولا تحاربوا الناس في أرزاقها أو تحاسبوهم قبل أن تتوخوا الحرص والحذر وتنزهوا خزائن الدولة مما ترونه ممنوع أو مخالف لعرف وتقاليد البلد.. فإن لنا دائماً في الحبيب المصطفى أسوة حسنة.. تدارس دعائم دولة الإسلام وغير من مفاهيم ضاربة في الجاهلية.. بالتدريج.. سراً وجهراً.. وحتى القرآن انتج نهج التدرج في التحريم ليستوعب الناس ويسمعوا ويطيعوا..). لا أعرف ما هي مهام مستشاري الرئيس.. (إن الاستشاري يجب أن يأتي بأفضل من الاخصائي.. إذن فهناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتقهم أهمها وضع التصورات.. والاستراتيجية التي تتناسب مع الشعب.. حتى يقبل أن يقرر طائعاً مختاراً التخلي عن ممارسات سيئة دون شعور بالظلم.. (ولو كنت مسؤول لما تركت مستشار واحد دون أن يقدم يومياً قراءة ومقترح.. أسباب ومعالجات لكل موقف..! إن على المستشارين ووزراء الدولة مسؤولية كبيرة ولا بد أن يتركوا بصمة واضحة كل في مجاله حتى لا نقول إن الدولة قد أدخلتهم كونفدرالية الترضية.. بعد أن خرجوا من دوري الوزارة)! خمس سنوات جديدة لا بد أن يتغير فيها كل شئ للأفضل فالسنوات العشرين الماضية كافية جداً لمعرفة أوجه القصور فكل عام يمر لا نتعلم فيه من أخطائنا ونطور أنفسنا نكون قد أذنبنا في حق هذا الوطن العزيز! عندما شيًّد الرسول (ص) دولة الإيمان.. ومنع عبادة الأصنام.. كسرها.. ولم يبق صنم في مكة.. وعندما حرمت الخمر، أمر الرسول (ص) بأراقتها (لكنه عوض أصحابها الذين جلبوها قبل أن تحرم). زاوية أخيرة: لا ترموا بالمواطن مكتوفاً إلى اليم وتقولوا له إياك إياك.. أن تبتل بالماء!!!!!