يا للهول... ويا للروعة... ما هذا الذي تجود به قرائح الاجيال السابقة... وما أروع الترابط الاجتماعي الحميمي..؟ ليتنا نملك «عشر» ما يملكه آباؤنا من ترابط... ومن تجانس وحسن جيرة ومعشر طيب... صفات كثيرة... تجعل من جيلنا «قزماً» في وجه الزمان... نعم قزم... فنحن لا نتمتع حتى بالقدر القليل مما كان عليه أسلافنا من تلك الصفات النبيلة... الحميدة..! كل هذا وجدته عند فراق أحد رواد صناعة السكر في السودان... عمنا المرحوم عبد القادر عبيدي عبدون... الذي افتقدته أسرته قبل أن تفتقده رابطة قدامى العاملين بشركة السكر السودانية ومصانعها... ياله من رحيل مر... وفراق صعب... فقد ودعنا ركيزة من ركائز العمل الاجتماعي... وعزاؤنا أن العطاء سيتواصل من خلال من خلفهم من أبناء كرام... يدعون له - إن شاء الله - بخالص الدعاء.. ابناء صالحين ينفعونه بعد مماته براً به.. دعاءاً مستجاباً بإذن الله تعالى..ونبر بذلك نحن آبائنا... أصدقاء وأخلاء المرحوم.. وآباؤنا هؤلاء... قدموا لي - أمس - درساً لن أنساه أبداً... أبداً... فيا لروعة الدموع عندما تتساقط من هرم كبير السن.. انها فجاعة الحدث... فمن لا يقوى حتى على الاتكاء بعصاة... يبذل بكل اريحية دموعاً غالية... تحكي عن طول معشر طيب... لا يعرف ذلك إلا من كان من ذاك الجيل الودود... من جيل كان يعيش الود.. لحظة بلحظة.. وفي عينيه كان يكبر حناناً.... زاد.. وزاد ... وفات الحد.. نعم... هو ذاك الجيل الأنيق.. المبهر البهيج.. كل ذلك وجدته... في منزل المرحوم عبد القادر عبيدي...!! وكل من له علاقة بالسكر وصناعة السكر... جاء معزياً... منهم الذي يتوكأ عصاه... ومنهم الذي أعياه الكبر... لم يتوانوا عن حضور العزاء... الشئ الذي يفتقده جيلنا الحالي... فلا ترابط ولا وشائج جيرة أو... شئ من هذا... فنحن ولله الحمد... «لخمتنا» مشاغل الدنيا... والجري وراء «الرهاب».. ولم نجد زمناً لتلك الاجتماعيات... فلننتبه لتلك العادات التي اندثرت.. أو كادت.. !! الزم الله الصبر لأسرة الفقيد وأبنائه محمد وخالد وعوض وصهره مجدي محمد فضل عسكر... وألزمنا - أسرة قدامى العاملين بشركة السكر - الصبر وحسن العزاء... وهدانا الله إلى سبيل أولئك النفر الكريم.. من حياة مترابطة... يبعد الطريق اليها كلما مر الزمان بنائباته... السؤال الذي يتبادر للذهن... ما هو السبب وراء ضعف الروابط الاجتماعية في مجتمعاتنا... ولماذا يندثر - مع كل جيل - جزء كبير منها... وتتناقص..؟؟... نحتاج لوقفة لنستفيد ممن سبقونا... فهل نتعلم..؟!