صديقي الغالي- ود الغالي- مؤمن لك مني خالص التحايا بعدد النجوم تضرب على الفين وبعد لا أخفي عليك أسفي الأسيف وأحزاني المعربدة في دواخلي بإنفصال جنوبنا الحبيب وقد إزداد ألمي في ليلة رأس السنة الجديدة عندما رفض الفرعون وملك ملوك التطريب العالي في القارة السمراء محمد عثمان وردي أداء النشيد الخالد الموغل في الروعة «اليوم نرفع راية استقلالنا»، إنك يا عزيزي لم تتألم وحدك في تلك الليلة بل شاركك الكثيرون من «الأخوان، الأشقاء، الأحباب، الزملاء والرفاق»، كلهم تحسروا على ذهاب جزء عزيز من تراب الوطن وتكوينه لدولة مستقلة «فرزت معيشتها» بعيداً عن الوحدة والقطر الواحد والخرطوم العاصمة التي تحتضن القصر الرئاسي ومقرن النيلين والهلال والمريخ ودار الاذاعة .. إن دموعنا على ذهاب الجنوب لم تتوقف حتى هذه اللُحيظات ونسأل الله أن يعود أهله إلى رشدهم ويعودوا إلى حضن الوطن في أقرب وقت، مرددين بالصوت العالي «أنت سوداني وسوداني أنا.. ضمنا الوادي فمن يفصلنا.. منقو قل لاعاش من يفصلنا.. قل معي لاعاش من يفصلنا». إننا يا عزيزي مؤمن ورغم الانشطار المُر، والفراق المحزن، والضائقة المالية التي أطلت علينا بسبب ذهاب البترول لن نيأس وسوف ينهض اقتصادنا من كبوته وينطلق بقوة إلى الأمام، ويعيش المواطنون.. كل المواطنون.. في الأرياف، الأصقاع النائية، في الجزر والصحارى والغابات، في الضواحي وطرف المدائن سوف يعيشون في رخاء ورغد من العيش، ويكون طبق الدجاج المشوي في متناول يد الجميع، وتكون البيتزا من نصيب الغبش والتعابى، وينعم محمد أحمد بمجانية العلاج والتعليم، وتعود لمدرجات ملاعب كرة القدم نكهتها وحضورها المميز، ويعود لسوق الأواني المنزلية عزّه ومجده، وتعود للأغنية السودانية أيامها الخوالي، وللصحافة عهدها الذهبي، فقط عليكم بالصبر الجميل ولابد للشهد من ابر النحل وأحلى أيام الشعب السوداني الأبي لم تأت بعد. إن بلادنا يا عزيزي الغالي ذاخرة بالخيرات، ومليئة بالمعادن النفيسة، ولذلك تتربص بها قوى الشر ومخابرات الأنظمة الماسونية ودول الاستكبار والطغيان والاستبداد، والمدهش حقاً أن دولتنا لم تركع لحظة واحدة لهؤلاء الطغاة ولم تمسح لهم الجوخ، أو تحرق البخور، إنها متمسكة بما أمر به الحق عز وجل من فوق سبع سماوات طباقا، نعم لن نذل ولن نهان ولن نطيع الأمريكان وأعوانهم وكل من شايعهم أو سار على نهجهم أو تمرغ في بلاطهم أو استطعم من قمحهم أو رفد خزانته بدولارهم المذهل. إن الوطن العزيز يحتاج إلى وقفتكم يا مؤمن خصوصاً في هذه المرحلة المفصلية، ونحمد لكم حبكم لترابه، وايمانكم بقضايا شعبه، وحقاً حب الوطن من الايمان، ومهما كان الخلاف الفكري أو السياسي بين الناس فالثوابت الوطنية لا خلاف حولها، ومواعين التعبير ووجهات النظر اتسعت بصورة لافتة، ولا حجر على أحد مهما كان موقفه أو انتمائه واندياح الحريات يؤكد بصدق ايمان القادة العظماء وصناع القرار بالدولة بالرأي الآخر وأروع ما في مقالاتك يا صديقي تمسكك بكلمة الحق مهما كانت مرارتها، وانحيازك للبسطاء والتعابى من أبناء شعبنا، واسدائك للنصح لرجال السلطة، والأروع من ذلك كله قبول أهل النظام لوجهات نظركم، انهم أصحاب صدور متسعة لاتتضايق من سهام المنتقدين التي ظلت تنتاشهم لأكثر من عقدين من الزمان، وسفينتهم تمخرعباب المستحيل وتأتي بالخيرات للوطن الشامخ العاتي. أخي مؤمن إن تضجركم من غلاء السلع الضرورية وانفلات الأسواق لن يستمر طويلاً وبعد الضيق فرج باذن الله، وبعد العسر اليسرا، وسيذهب ليل الغلاء الفاحش وينبلج فجر الرخاء والبحبوحة وهناء العيش، وينبسط محمد أحمد، وستعود العافية لجسد اقتصادنا في العامين القادمين، وتنتعش الخزائن ويخضرالزرع ويمتلئ الضرع، وتسيل مشاعر الناس جداولاً، فقط علينا جميعا بالصبر ولا شيء غير الصبر . أخوك أبدا: حسن السيد عبد الله حجر العسل