انتظرنا كثيراً ظهور البصات الجديدة في مواقف وشوارع ولاية الخرطوم، وتابعناها منذ أن كانت مشروعاً على الورق، وكانت شهرتها بصات الوالي، ولكثرة ما كتبنا عنها- نحن أهل الصحافة- حتى ملنا الشارع والولاية والقراء، لدرجة أن مجلس الصحافة أصدر قراراً بحظر النشر حولها، ورُفع الحظر وتغير الوالي، إلا إن المشروع لم يمت، بل عاش حتى أصح واقعاً ملموساً، ورغم جمال شكل البصات إلا إن المواطن ونحن معه، قد انكمشت فرحتنا عندما وجدنا أن سعر تذكرتها مثلها مثل (الحافلة الهايس أو القريس) 100-200 جنيه بالجديد، وتجاهل القائمون عليها أن أسعار التذاكر تتناقص بقدر حجم المركبة، فكلما زاد حجمها تناقص سعرها، وهذا ما لم ينطبق على بصات هيئة مواصلات ولاية الخرطوم، وقد اطلعت على كل الانتقادات التي وردت بالصحف، والمتعلقة بتعرفة البصات، لكن الولاية وهيئة مواصلاتها صمت أذنيها عن الاستجابة لها، أو حتى بالرد أو التوضيح لفرض هذه القيمة على البصات، ونحن حتى الآن لم نجد تفسيراً لهذه القيمة.. وقال أحدهم (لو كانت الولاية تفرض هذه القيمة العالية للبصات بسبب التلفزيون والتكييف، فنحن لا نريد تكييفاً ولا تلفزيوناً).. وقالت لي أخرى عندما مر بص بجوار سيارتنا.. نفسي أركب البص الجديد.. فقلت لها ما تركبيه مالك؟ فقالت بسرعة ( قالوا بالفين جنيه يااختي)، مما يؤكد أن رواد البصات الجديدة بسيطين جداً، ونستطيع أن نقول إن البصات لم تحل مشكلة المواصلات، بل عقدت مشكلة المرور، وذلك لكبر حجمها.. وحسب علمنا- إن كان صحيحاً- فإن والي الخرطوم السابق، وعبد الحليم المتعافي، كان يخطط لها بصورة مختلفة، وأنه كان سيحصر عمل بقية وسائل النقل على العمل داخل المحليات، وبما أن ذلك لم يحدث ولا أظنه ممكناً الآن، خاصة بعد مساعي نقابة أصحاب الحافلات التي أفلحت في اقناع وزارة النقل بحظر عمل البصات وسط الخرطوم، نعم لقد استطاعت النقابة انتزاع ذلك القرار من إدارة النقل، وهذا مؤشر على (تغلب) هذه الإدارة على البصات، التي كانت تخشى مجرد دخولها السودان- ناهيك عن عملها في الخطوط- وأعتقد أنه من المهم الآن أن تراجع هيئة مواصلات الخرطوم تعرفتها وخط سيرها، وأن تتعامل وفق التعرفة المتعارف عليها في جميع أنحاء العالم، حتى لا تفقد هذه البصات زبائنها الذين انتظروها بالسنين.