بالأمس دقت المعارضة (اليسارية) الواعية ناقوس الخطر، وحذرت الحكومة من الوقوع في الفخ الذي نصبته لها الولاياتالمتحدةالأمريكية، من خلف ظهر حكومة الحركة الشعبية القابضة على زمام الأمور في دولة جنوب السودان، وقد سعى محرر «آخر لحظة» النشط المكلف بمتابعة أخبار بعض القوى السياسية الأستاذ بكري خضر إلى الحزب الشيوعي السوداني، يستطلع رأي قيادته حول التطورات التي تشهدها العلاقات بين البلدين، والتقى بالأستاذ صديق يوسف عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، كما سعى إلى حزب البعث العربي لاستطلاع رأي قيادته في ذات الموضوع، والتقى بالناطق الرسمي للحزب الأستاذ محمد ضياء الدين، وطرح عليه ذات التساؤلات حول التدهور (المقصود) في العلاقات بين البلدين اللذين من المفترض أن يكونا شقيقين، وقد جاءت الإجابات متطابقة أو تكاد. الشيوعيون ومن خلال تحليلاتهم لواقع الأحداث، طالبوا كلاً من «الخرطوم»و«جوبا» بضرورة الإلتزام باتفاق وقف العدائيات الذي لم يجف الحبر الذي وقع به عليه بعد في «أديس أبابا»، وطالب الشيوعيون بالابتعاد عن لغة الحرب التي طغت على الألسنة واللغة والمفردات خلال الفترة الماضية، الأمر الذي أصبح كأنما هو تهيئة للرأي العام في البلدين لحرب قادمة. أما البعثيون العرب، فلم يبتعدوا كثيراً عن تحليل الموقف السياسي الذي ذهب إليه الشيوعيون، ولكنهم زادوا عليه ما هو أهم، وما يستوجب وقفة حقيقية لمراجعة المواقف، وذلك بأن اتهموا «واشنطن» مباشرة بالسعي لإشعال نار الحرب بين البلدين، وتحريك صقور الحركة الشعبية لدفع الجيش الشعبي لأتون معركة تخرج منها الولاياتالمتحدةالأمريكية رابحاً وحيداً، لأنها ستمسك برقاب حكام الجنوب وبطون شعبهم، ثم تنهك حكومة السودان إلى حد ربما أدى إلى إسقاطها تماماً وإخراج رموزها من السلطة، لتقع فريسة سهلة في يد العم سام، لكن الجائزة الكبرى ستكون في إخراج جمهورية الصين الشعبية من المسرح السوداني تماماً ودون رجعة. المعارضة اليسارية (الواعية) تستدعي أمامها الآن صورة المآلات التي ستؤول إليها الأحوال في بلادنا حالة خوضها لحرب تسعى حكومة دولة جنوب السودان لجرجرتها إلى ميادينها.. وسبق لنا أن قدمنا تحليلاً يكاد يكون متطابقاً مع ما ذهبت إليه المعارضة اليسارية، بل وذكرت ذلك للسيد رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير شخصياً بالعاصمة الأثيوبية في آخر أيام قمة الاتحاد الأفريقي الأخيرة، ونحن في بيت سفير السودان هناك. «واشنطن» خارج الصورة، لكنها تحرك الحائط والإطار معاً، ويبقى الحل في اتخاذ موقف موضوعي ومقنع لفريق الوسطاء بوقف التفاوض مع دولة الجنوب فوراً والدعوة لمؤتمر مائدة مستديرة يسعى للوصول إلى حل للمشكلات العالقة بين البلدين. وهناك حل آخر ربما جاء من «جوبا» نفسها وهو تغيير حكومة دولة الجنوب من قبل العقلاء في الحركة الشعبية أو الجيش الشعبي لمنع الكارثة التي ستحل بالدولة الوليدة.