سوريا.. يا طعم الصبر المملح بالعجز.. يا شتات العشيرة.. ويا ظمأ الأرض للأكف السمراء.. يا عتمة الزنزانة.. يا صوت الجلاد.. ويا صمت الجدران.. يا برد الجوع في الوطن المعتقل بين الأسلاك الشائكة.. ويا وجع الصبايا المنتظرات آخر الجياد.. هل حملت إليكم مُرَّها الكلمات؟! وتساوت على أرصفة الخوف كل الخطوات؟ هل كحَّلت الشمل بعينيها فأرخت على عيوننا عتمتها؟ أم شوك الخيبة اقتلع الحدقات.. فسلبنا ما احتفظت به من ضياء.. وشموعنا كلمات وطن جريح.. فماذا فعلت بنا الأيام؟ يا أهل سوريا.. أطِلُ من سجني على سجنكم فأجدكم وقد قيدَّتكم النظم الشمولية المتعاقبة بالانتظار.. انتظار قد يطول.. فالحرية والديمقراطية كلمات جوفاء تقال جزافاً.. حتَّى لا تستيقظ الفتن النائمة داخل هذه الزنازين.. الزنزانة المحفورة على جلد العتمة.. اختناق وجسد بلا دفء.. وجه الحرية أسمى من أن تختفي ملامحه ولا يعود.. ويقتل فيكم الرغبة بالصمود داخل أسوار العجز والخوف! سوريا يا أخت بلادي يا شقيقة.. يا أيُّها السجن.. الذي يُغبِر حنين الذاكرة والأحلام المنفية! سوريا يا أيُّها الوطن المغلق على العُري والجوع.. والكرامة التي أصبحت في عيون الرجال فتاتاً لا يمكن جمعه من تحت أقدام الجنود! كلمة أخيرة.. الفريق مصطفى الدابي.. حسناً فعلت وهنيئاً للجامعة العربية بقبولها استقالتك.. فليس هنالك أسوأ من لوعة الموت حين تحفه الزغاريد الباكية.. وهي تتلفح بالصبر في شام المصلين.. على حواف الموت بين ذكريات الذبح والصمود لهؤلاء الشرفاء الذين لون دمهم اكفانهم.. وربحوا القضية والحور العين!