غداً ستسألنا القصائد عنك.. والطرقات والألحان والنغم الموشح بالحنين فماذا نجيب...؟ بأنك قد اعتزلت الوطن الذي طالما خبأته في خافقيك وجعاً... خرافياً أطال غربة نفسك الوهاجهة في سدف سجون الظلم ... وغيهب المنفى البعيد...! وهما تمنا أن تكون قد انكسرت قناتك وانثنيت...لكنك عدت شامخاً ورجعت كما مضيت... ترى بعد ارتحالك ماذا بقي من زاهر الألق... وسحر العطر... وفوح العبير...أدري بانك مارحلت ..إنما رحلت عناقيد التمني والكبرياء.. وتلك القامة الممدودة في اتساق واستواء ...! كنت تريد جيلاً مختلف الملامح درسته كيف تكون الكتابة، وكيف تكون النجابة، جيلاً لا يغفر الأخطاء لا يسامح.. لا يعرف النفاق.. كنت- في حد ذاتك- وطناً محصوراً بين أسماءالتعجب والاشارة كنت ياوردي محارة.. مسكونة بكنوز سيالة، بوميض لم ينطفئ وهجه، حتى نعاك النيل فانهمل دمع الغمام، سائلاً بالقطر والدمع الروي... شامة كنت في خد الوطن شلوخ.. توب.. نخلة... حلة...نوار.. نغم.. فهم ... نور... ظلال.. نيل.. عنفوان.. حضارة.. ثقافة.. أناقة..رجولة..احترام.. ضمير.. وجدان.. حنان..أمة.. وطن.. سودان...! كيف نؤرخ التاريخ يا فقدنا الكبير؟الذي ما انحنت قامته من حمل اثقال الرزايا ثمانون عاماً جديرة بالتأمل والتوقف... بالتوقف والتأمل فى مسرى وفى عروج.. تركت الحروف مبعثرة شجية، والأزهار ماعادت ندية، والحزن يعتصر الجداول.. وتصفر أوراق الخمائل.. والنخل مرتعش الجوانب يندب بالنحيب.. وينذر بالذبول.. والنزف يهتك في الشرايين العميقة بخنجر الموت العجول زاوية أخيرة: رجع النيل من مصبه الى منبعه.. فما عادت تنبت الضفاف.. بعدما تيقنا حين تدافعنا بالمناكب نعاني الارتجاف، لندفن التاريخ، ونسطر باليمين، بأن المطر خاصم السحاب لأننا موعودون بالجفاف ..!!