قال الأستاذ مصطفي أبو العزائم بمناسبة العيد الرابع لجريدة آخر لحظة (أرجو لها التقدم والازدهار)، كلنا أمل في أن يحقق الله وحدة هذا الوطن، واتفاق ساسته على أن الوطن خط أحمر، بحيث يتم التفريق بين ما هو (حكومي) وبين ما هو ( وطني). وليسمح لي أستاذنا الكبير بأن اقتبس مقولته الجميلة، لتكون عنواناً لهذا الموضوع، فنحن الآن قادمون الى ولادة قيصرية، نسأل الله أن تكلل بالنجاح، وهناك ضرورة لتوحيد الخطاب السياسي في هذه المرحلة، وتوجيهه نحو الوحدة، حتي نتمكن من تنفيذ تعهداتنا بجعلها جاذبة، وقد بدأ الآن الجميع يتحرك نحو الوحدة الجاذبة، حتي الأخ باقان أموم، والأخ ياسر عرمان، قالوا انهما ليس ضد الوحدة، وقد اختلف لون خطابهم السياسي في الفترة الأخيرة، وصارا يتحدثان عن الوحدة، وكيف أنها ضرورية للشعبين في شمال وجنوب الوطن الواحد، وإن كانت لديهما بعض الشروط، التي نري بأنها شروط تكتيكية يجب على الجميع تقديرها، لأنها ظهرت بعد التحرك المكثف لجميع أجهزة الدولة، لإنفاذ عملية خيار الوحدة، وما علينا الآن إلا أن نسير في نفس الخط التظاهري الذي خططناه، مع تكثيف الجهود الدبلوماسية والتنموية والاجتماعية من أجل اخراج سيناريو الاستفتاء بقدر عالٍ من الشفافية والنزاهة والدقة، بجانب الاستفادة من الاحترافية التي يتميز بها الحزب الحاكم، فالسودان يحتاج الآن الى جهد أبنائه على كافة انتماءاتهم الدينية، والحزبية، والقبلية، للعمل الجاد من أجل الوحدة، وقطع الطريق لكل من يطالب بالانفصال. لقد أعلن السيد ثامبو أمبيكي ممثل الهيئة التنفيذية العليا للاتحاد الافريقي عن انطلاقة مفاوضات ترتيبات ما بعد الاستفتاء بقاعة الصداقة بالخرطوم، وتواصلها بمدينة جوبا، وقال إن المفاوضات الحالية تساعد على تحديد مصير السودان، الذي يحتمل الوحدة ويحتمل الانفصال، مضيفاً أن مشاركة عدد من منظمات المجتمع الدولي، والوفود المحلية، والأحزاب يؤكد أهمية الموضوع في سبيل تحقيق تطلعات السودانيين في تنفيذ اتفاقية السلام الشامل، ويمثل رسالة لجميع شعوب العالم فى احترام السودان للمواثيق والاتفاقيات وتعهداته الدولية، ومن أهم ما ذكره السيد ثامبو أمبيكي أن اتفاقية السلام الشامل، تلزم الشريكين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية على العمل من أجل وحدة جاذبة لصالح الشمال والجنوب، إذن فهذا جواز مرور أيها الأخوة لكل السودانيين، للوقوف مع الوطن وليس مع حزب المؤتمر الوطني أو الحركة الشعبية، لأن السودان ملك لجميع السودانيين، أما حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، فملك فقط للمنضوين تحت رايتهما، وقد قال سيدنا أبوبكر الصديق رضي الله عنه قولته المشهورة عند وفاة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، (من كان يعبد محمداً فإن محمداًَ قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت).. لذلك أقول لكم أيها الأخوة من كان يؤمن بالسودان الحبيب فليقف معه في هذه اللحظات الحرجة ضد التجزئة والانفصال، ولقد كان المشاركون في مؤتمرات السلام التي عقدت داخل وخارج السودان، يثقون كثيراً في الوحدة، وفي المرحوم جون قرنق، بل كانوا على يقين بأن كلمة انفصال غير واردة في تسوية حقوق الجانبين في الشمال والجنوب، لذلك تم تمرير مؤتمر نيفاشا لتحقيق السلام بطريقة سلسة لا يمكن تصديقها، أما الآن فدعونا لا نبكي على ليلي، بل دعونا نقف معاً في صف واحد لمجابهة ما يحيط بالسودان من دسائس، وفتن ومؤامرات خارجياً وداخلياً، ونفرق بين ما هو وطني وبين ما هو حزبي، ويجب أن لا ننسى بأن تدمير العراق جاءت معلوماته من أهل العراق، الذين أكدوا للولايات المتحدة بأن الرئيس صدام حسين لديه أسلحة نووية.. وأنا أتألم جداً للذين يقولون بأنهم لن يذرفوا الدموع لو انفصل الجنوب عن الشمال، وصدقوني بأن مثل هؤلاء الأشخاص ليست لديهم وطنية، ولا يعرفون الفرق بين الوطن والحزب الحاكم، ولديهم الاستعداد الكامل لتدمير الوطن، بل والادلاء ببعض المعلومات الكاذبة لدول الاستعمار الجديد، التي تحاول بشتى الطرق أن تضع السودان في موقف دولي محرج، تستطيع به أن تقسمه الي دويلات متفرقة، لذلك يجب معالجتهم من هذا المرض الخطير، وتعريفهم بأن الوطن هو الذي سيبقى كالطود الشامخ، أما الأحزاب والأفراد فهم الى زوال، وإن شئت فابحث معي عن السيد اسماعيل الأزهري والسيدعبدالله خليل، والسيد محمد أحمد محجوب، ثم أبحث معي عن الفريق ابراهيم عبود، واللواء جون قرنق، والمشير جعفر نميري، رحمهم الله جميعاً، أين هم الآن؟ لقد رحلوا أيها الأخوة وتركوا السودان للسودانيين، تركوه كما هو ولم يزايدوا به. لقد أكدت الحركة الشعبية مشاركتها الفاعلة في برنامج الشمال والجنوب نحو السلام والوحدة، وتقوية العلاقات القائمة على المصالح المشتركة، والاهتمام بقضايا المواطن، ويعتبر ذلك من أهم البراهين التي تصب في خانة الوحدة الجاذبة، وأن الحركة الشعبية بدأت تشعر بمسؤولياتها تجاه الوحدة بين الشعبين، فقط علينا زيادة قوة الأندفاع أكثر وأكثر بواسطة وسائل الإعلام المتعددة من صحافة، واذاعة، وتلفزيون، وانترنيت، وندوات واجتماعات، وورش، ورسائل قصيرة بواسطة الجوالات أو البريد الالكتروني، يتم ارسالها بين فترة وأخرى للأخوة الجنوبيين لتذكيرهم بأهمية اختيار الوحدة، كما وعلينا ترجيح كفة الوحدة عياناً وبياناً، وفقاً لنص اتفاقية السلام التي تدعو الى وحدة السودان كخيار أولي. من واقع القراءات الموجودة الآن، وخاصة داخل أروقة المحادثات والندوات، والاجتماعات المتبادلة بين الشريكين، نجد أن صوت الوحدة ومؤشراتها بدأ ينمو ويصعد بطريقة سريعة، وأن صوت الانفصال بدأ ينحسر في زوايا ضيقة متناثرة، لأن طبيعة القضايا المطروحة الآن تحتم علي كل السودانيين دعم ومساندة الوحدة، ولا ننسى قضايا التنمية، والحدود، والبترول، والديون الخارجية، والجنسية، والمواطنة.. لقد كتبت لكم من قبل أن وحدة السودان أو انفصاله لا يمكن أن تحددها أفكار أو آراء نابعة من فئة قليلة من الناس، سواء أكانوا في الشمال أو الجنوب، لذلك أتقدم ببعض المقترحات التي ربما ساعدت في دفع قوة الاندفاع في هذه المرحلة المتبقية : 1. مشاركة جميع الأحزاب السودانية مهما كانت قوتها أو حجمها في ورش للاستفتاء وتقرير المصير، حيث يمكن تكوين هذه الورش بسهولة، وتقسيمها الى عدة فعاليات، لتغطي جميع القضايا المطروحة، كما يمكن توزيع أماكن عقد تلك الورش بين مدن الشمال ومدن الجنوب. 2 . الاتصال الوثيق والدائم بين النائب الأول ورئيس حكومة الجنوب الفريق أول سلفاكير وبين الأستاذ علي عثمان نائب رئيس الجمهورية، وذلك لتفعيل مشاريع التنمية المستدامة بالجنوب، التي تم طرحها حالياً، ولسرعة تبادل الآراء ومعالجة القضايا والمشاكل، التي تظهر على السطح، وللتحرك معاً لمقابلة الجماهير في مدن السودان المتعددة. 3 . تفعيل وتكثيف مشاركة السيد باقان أموم والسيد ياسر عرمان وبقية الأخوة الجنوبيين، الذين يميلون الي الانفصال في الندوات والاجتماعات والحلقات الخاصة بالاستفتاء وتقرير المصير، مع إبراز الجانب الوحدوي المهم لهما، ويقع الجزء الأكبر من هذه المسؤولية على الصحافة والفضائيات. 4 . الرحلات المكوكية من الشمال الى الجنوب وبالعكس لبعض كبار المسؤولين ذوي التأثير المباشر في عملية الاستفتاء وتقرير المصير، ونرجو من مولانا محمد عثمان الميرغني، والسيد الصادق المهدي، والسيد محمد ابراهيم نقد، وجميع زعماء ورؤساء الأحزاب السودانية في الشمال والجنوب التحرك للمشاركة في اسناد الوطن للوحدة الجاذبة في هذه المرحلة الحاسمة. 5 . التحرك المكثف لجميع أجهزة الدولة لانفاذ عملية خيار الوحدة، وذلك بتسخير جميع الامكانيات المتاحة نحو الوحدة، والاستفادة من الدورة المدرسية التي ستعقد هذه السنة بالولايات الجنوبية، وحبذا لو يكون هناك تمازج ممنهج بين الطلاب، والنظر في امكانية استضافة بعض الطلاب الجنوبيين لأقرانهم الشماليين في منازلهم.