سجلت (آخر لحظة) أمس زيارات ميدانية لعدد من الناجين من موت محقق إثر تحطم واحتراق طائرة الهيلكوبتر التي كانت تقل وزير الزراعة د. عبد الحليم المتعافي وتسعة آخروين. ومن داخل مدينة الحاج يوسف شارع واحد مربع (11) استقبلتنا أسرة المصور سليمان محمد جبريل موسى بوزارة الزراعة أحد الناجين «هاشة باشة».. حيث حكى لنا المصور سليمان تفاصيل خروجهم سالمين بأعجوبة من موت محقق بقدرة الله تعالى،قائلاً إنهم تحركوا من مطار الخرطوم إلى الفاو عند الساعة الثامنة صباحاً برفقة الوزير للوقوف على تحضيرات الموسم الزراعي، والتي كانت ستشمل حلفا والجزيرة في اليوم الثاني، ولكن مشيئة الله حالت دون ذلك. وذكر أنهم لم يلاحظوا شيئاً غريباً أثناء وجودهم داخل الطائرة خاصة وأنهم سبق وأن أقلتهم في الأسبوع الماضي إلى كل من السوكي وسنار والدمازين. وأضاف أنهم بعد اجتماعاتهم مع الجهات المسؤولة بالفاو تحركوا من اتحاد المزارعين إلى المطار مباشرة عند الساعة الواحدة ظهراً «و وجدنا الطائرة مهيأة للإقلاع وصعدنا وانتظرنا عشر دقائق تقريباً نسبة لتأخر مندوب البنك الزراعي. وزاد سليمان: وبعد مجيئة تحركت الطائرة حوالي (10 - 15) متر وارتفعت حوالي (50 - 60) وشعرنا بنزولها واهتزازها المفاجئ وكنت جالساً في المقعد الأخير ووجدت نفسي متقلباً في آخر الطائرة بجوار المخزن وبعد لحظات سمعت (دوي) وتيقنت أن شيئاً ما قد حدث للطائرة، ونسبة لارتفاع صوت المروحية الذي كان عالياً للغاية لم أتمكن من سماع أي صوت داخل الطائرة وإنما شعرت بوقوع الأمتعة فوقي. الشهادة والتكبير: وفي تلك اللحظات العصيبة لم يتوقف لساني من النطق بالشهادة والتكبير، وقد كان إيماني في تلك اللحظة قوياً بالله والقضاء والقدر (لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا). وقال المصور:إنه لم يستطع الوقوف حيث قام سكرتير الوزير عزت بسحبي من الخلف إلى الأمام بعد أن ارتطمت بالمقاعد الخلفية، وقال لم أشاهد أمامي إلا الوزير والسكرتير ومستثمر إيراني والذين قاموا بالخروج من خلال الشباك ولم أتمكن من الخروج إلا بصعوبة شديدة خاصة وأن الدخان أدى لانعدام الأوكسجين تدريجياً،وعندما لم أتمكن من الخروج من الشباك ساعدني أحد جنود المطافئ قائلاً لي (اأخرج بالكابينة)، وبعدها قام بسحبي وبعد خروجي شاهدت ازدحاماً كبيراً من المواطنين ونقلنا في عربة كاشفة (بوكس) إلى مستشفى الفاو وبعدها علمنا أن الطائرة احترقت. وعند سؤالنا له عن محبوبته الكاميرا رفيقة دربه.. قال سليمان كانت بالمقعد المجاور لي وحين قمت من المقعد لم أدرِ أين ذهبت خاصة وأنني قلبت (هوبة) أدت إلى إصابتي في رأسي وأضاف قائلاً: رغم ذلك فقد كنت واعياً ولم ينتابني أي شعور بالخوف وخرجت ماشياً على قدمي من المستشفى واأوضحت الفحوصات إصابتي في الرأس وقد كنت متألماً بأضلعي في الجهة اليمنى. في الخرطوم: وقال لم أفكر في أسرتي إلا بعد وصولي لمطار الخرطوم وبعدها نقلنا لمستشفى الشرطة. وعاد قائلاً إنهم عند خروجهم من مستشفى الفاو ووصولهم للمطار طُرح علينا خياران: ترحيلنا بالطائرة أو بالعربة للخرطوم فما كان منا إلا وأن اخترنا العودة بالطائرة فيما رفض مندوب البنك الزراعي الذي فضل العودة بالعربة. مستشفى الشرطة وداخل مستشفى الشرطة وبعد إجراء كامل الفحوصات حيث أوضحت الموجات الصوتية أن حالتي مستقرة عدا كسور في الضلوع (5 - 6 - 7) بالإضافة للضربة في الرأس، مرسلاً تحاياه وشكره لكل أهله وأحبابه وجيرانه والذين تكبدوا مشاق السفر من ولايات السودان. بأعجوبة: وروى المصور سليمان ل (آخر لحظة) أنه في غاية الاستغراب والدهشة موضحاً أن يوم 25 مايو لديه جانب حب خاص نسبة لميلاد ابنته الصغرى فاطمة، فيما يكرهه لأنه حدث له حادث حركة بمدينة الفاو يوم 25/5/2011 على بعد كيلو ونصف من مكان الحادث الحالي.. وقد كنت في رحلة عمل من قبل النهضة الزراعية ونجيت بأعجوبة وتوفي في الحال السائق وأصيب آخرون بإصابات وبمرور 48 ساعدة من الحادث اكتشفت أنني مصاب بغضروف في الرقبة. وما باليد حيلة: وأعرب عن أسفه الشديد لعدم تصويره لهذا الحادث الأليم ولكن ما (باليد حيلة)، مؤكداً أنه يهوى تصوير الخضرة والزراعة، وزاد فقداني للكاميرا في تلك اللحظات. فيما قالت لنا زوجته فائزة علي صالح بفرحة شديدة لنجاته خاصة وانهم كانوا قد تلقوا خبراً عبر الهاتف من إحدى قريباته قائلة لنا (أوب عليك يا فائزة) وأغلقت الخط ووقتها لم نسمع بتحطم واحتراق الطائرة ورجعت لي مرة أخرى متسائلة عن وجود سليمان بالمنزل وقلت لها إنه سافر وقالت لي سليمان مات في الطائرة التي احترقت فما كان مني إلا وأن خرجت إلى بناته وأردد قائلة (ابوكم مات أبوكم مات). وبعدها أصبنا بحالة من الصراخ والعويل الشديد ودخلنا في حالة هستيرية سيئة للغاية وتجمهر الجيران والأهل والأحباب لمواساتنا. وفجأة حضر أبن خالي واخبرنا بأنه ليس من بين الضحايا،خاصة أن الذين تمت إذاعتهم بالتلفاز. تكبير وتهليل ومن داخل منزل سكرتير الوزير عزت عز الدين محمد علي بالمعمورة ووسط الذبائح وفرحة الأهل والأحباب والجيران قال لنا سارداً ما تعرض له وخروجهم بمعجزة من الطائرة حيث قال بعد إقلاع الطائرة بحوالي 4 - 5 دقائق شعرنا بأن الطائرة قد ارتطمت بالأرض وحصل هرج ومرج حيث وقعنا من الكراسي وبدأت أصواتنا تتعالى هنا وهناك بالشهادة والتكبير وكانت الطائرة قد تدحرجت لمسافة وثم توقفت، ولحظة توقفها فوجئنا بتصاعد الأدخنة الكثيفة داخل الكابينة مما أدى لحدوث اختناقات وضيق في التنفس ولم نتخيل بأننا سنخرج سالمين، حيث قام حرس الوزير الخاص جمعة بتكسير زجاج الشباك بمؤخرة السلاح (الدبشك). ونسبة لارتفاع الشباك قمنا برفع الوزير أولاً ليخرج سالماً غانماً ومن بعدها تم رفع حرسه ومن ثم خرجت أنا والإيراني سليمان فمندوب البنك الزراعي. وقال عزت لقد خرجت بصعوبة شديدة حيث رفعت نفسي بنفسي فلم يكن هناك من يرفعني مما أدى لحدوث بعض الخدوش الطفيفة. شعور غريب: وأضاف عزت لقد كان شعوري في تلك اللحظة شعوراً غريباً جداً وكل همي خروج الجميع سالمين وعند خروجنا لم نتخيل خروجنا بهذا الشباك الصغير.. ولكن كل شيء بمقدرة الله. فيما قالت زوجته عواطف بشير الناير إننا تلقينا الخبر عن طريق زوجها الذي طمأننا أن الطائرة احترقت وأنه بخير وعافية. فيما حاولت (آخر لحظة) الجلوس مع حرس الوزير الخاص جمعة الذي قام بإنقاذ الوزير ومن معه. وعند دخولنا لمنزل الوزير د.المتعافي كان يعج بالزوار ونحر الذبائح مهنئين بنجاته. إلا أننا لم نتمكن من مقابلته رغم منحنا الضوء الأخضر من الوزير وبموافقته شخصياً لنا ولكننا فوجئنا بأن الحرس قد خرج. وعندما حاولنا التحدث مع زوجة الوزير دكتورة هند بحيري رغم استقبالها لنا إلا أنها كانت مشغولة بالضيوف ولكن الوقت لم يسعفنا للجلوس معها وخرجنا بخفي حنين.