لم أكن أبداً أعتقد بوجود «البعاتية» الذين كان حبوباتنا يخوفوننا بهم ونحن صغاراً، إلا أن قرأت فى مجلة النيوزويك الأمريكية عن ظاهرة «الزومبي» فى هاييتي. ففي يوم من أيام ربيع عام 1980، وصل رجل غريب يمشي بخطى متثاقلة، وتعلو وجهه نظره غريبة، إلى سوق بلدة «لا استر» في هاييتي، وقد أثار منظره الرعب في قلوب الفلاحين المحليين، خاصة عندما إقترب من إمرأة تدعى أنجيلينا نارسيسا، ليقول لها إنه شقيقها كلارفيس الذي يفترض أنه مات وُدفن عام 1962. ورغم غرابة الحادثة إلا أنها ليست فريدة من نوعها في هاييتي، التي تشهد سنوياً ظهور أكثر من حالة لعائدين من بين الأموات، وهي الظاهرة التي ألهمت هوليوود شخصية «الزومبي» أو «الميت الحي.» ورغم أن ظاهرة «الزومبي» مرتبطة بطقوس من ممارسات «الفودو» السحرية التي تنتشر في بعض جزر الكاريبي، حيث يزعم الكهان، الذين يطلقون على أنفسهم إسم «بوكرز،» القدرة على إحياء الموتى بعد تأدية طقوس معينة، إلا أن أخصائي في علم النفس يعتزم نشر بحث علمي يثبت من خلاله أن الظاهرة حقيقية في الواقع وتستند إلى أسباب منطقية لأنه راقب ظاهرة «الزومبي» وتتبع حالاتها على مدار ربع قرن وإكتشف الحد الفاصل فيها بين الأساطير والعلم. والزومبي (Zombie) هو الجسد البشري الذي مات ومن ثم يعود إلى الحياة، وظهرت أيضا عند عمل سحر الفودو على البعض ليموت ومن بعد دفنه يتم إرجاعه بواسطة هذا السحر، وإشتهر مصطلح وفكرة الزومبي من بعد ظهورها في كتاب «أنا أسطورة» عام 1968 وأيضا فيلم «الأموات الأحياء». وحسب إعتقاد ديانة الفودو (Voodoo) المنتشرة في أجزاء من أفريقيا والبحر الكاريبي هو ما يمكن أن نطلق عليه إسم «الميت الحي» وهو شخص مات ثم تمت إعادة الحياة إليه، أو هو شخص تمت سرقة روحه بواسطة قوى خارقة ووصفات طبية (عشبية) معينة وتم إجباره على إطاعة سيده طاعة عمياء، و يبقى الميت تحت سيطرة سيده الذي أعاده للحياة حيث يكون مسلوب الإرادة. دكتور دويان أجرى مقابلات مع 15 من «الزومبي» الذين يؤكد أن جميعهم مصابون بإعاقات عقلية، أو حالات تخلف ذهني، أو أنهم مدمنون على الكحول. وبعد دراسة مكثفة على حالة كلارفيس، خلص دويان إلى أن الرجل الذي ُيفترض أنه عاد من بين الأموات لم يكن ميتاً بالفعل، بل كان ضحية سم يقوم بإخفاء المؤشرات الحيوية للبشر بشكل يجعلهم يبدون وكأنهم أموات كي يتم دفنهم وهم أحياء، لينبشون في وقت لاحق. وإعتمد دويان في إستنتاجاته على تحليل مادة كيماوية حصل عليها من أحد سحرة الفودو في مختبرات الولاياتالمتحدة، حيث إتضح أنها تتضمن مجموعة من الأعشاب المحلية التي تسبب تهيج الجلد، إلى جانب بقايا من ضفدع «بوفو مارينوس» الذي يفرز مواد تسبب الهلوسة وتشل الجهاز العصبي، والقليل من سمكة «النفيخة» التي تحمل سماً عصبياً قاتلاً. وسمكة «النفيخة» تعيش فى سواحل اليابان وتستقبل مستشفيات اليابان سنوياً عدة حالات لضحايا التسمم بسمكة «النفيخة» حيث تظهر عليهم عوارض «الزومبي» إذ تختفي مؤشراتهم الحيوية مثل التنفس ودقات القلب، وغالباً ما يعودون إلى الحياة قبل دفنهم بساعات، ويعانون من عوارض تستمر لفترة طويلة. وتتم بعض حالات «الزومبي» في هايتي بهدف إستعباد الأشخاص الذين «يعادون إلى الحياة»، ففي حالة كلارفيس الذي ترك عائلته لأعوام، فقد إتضح أنه عمل كعبد في مصنع لقصب السكر، حيث كان يقتات على طبق يعد من البطاطا ونبتة«داتورا» المحلية التي تسبب بدورها الهلوسة وتضمن إنقياد «الزومبي» لأسيادهم الجدد.