كلنا نعلم وغيرنا يعلم ودول الجوار من حولنا تعلم بأن الحصول على الجنسية في أي بلد لايتم الحصول عليها إلا بمواصفات معينة وشرط صعبة لاتتوفر لدى العامة من الناس، إلا من ذوي التخصصات العالية والنادرة والتي من الممكن أن يستفيد منها البلد المراد التجنيس لديه. ولأن الجنسية مهرها غالٍ ونفيس فينغي، بل يجب أن لاتعطى جزافاً ولكل من هب ودب على نحو مايحدث في سوداننا الحبيب، حيث يصبح الحصول على الجنسية السودانية أسهل من الحصول على شربة ماء. فقد شهدنا كيف تمنح الجنسية السودانية للاعبي كرة القدم المراد تجنيسهم لدى أندية الدولار والجماهير هلال مريخ، وهما النادييان صاحبا الخصوصية في أجهزة الدولة ممثلة في وزارة خارجيتها ووزارة داخليتها، حيث تقدم لهما التسهيلات بصورة مذهلة تخلب الألباب.. فقد شهدنا ذات مرة أن أحد المحترفين الأجانب القادم للاحتراف في أحد الناديين الكبيرين قد منح الجنسية قبل أن تهبط طائرته القادمة من موطنه السابق، وكل ذلك لكي يلحق اللاعب بفترة التسجيلات التي أوشكت أن يوصد بابها في تلك الفترة فكان أن منح الجنسية قبل أن تطأ أقدامه أرض الوطن ويقوم بعمل الإجراءات المهمة التي تكفل له الحصول على الجنسية السودانية. ويبدو أن هنالك من تكفل عنه بالتوقيع والبصمة والفيش وما إلى ذلك من الشكليات الثانوية التي يتم بموجبها استخراج الجنسية بالتجنس للإخوة الوافدين من خارج حدود الوطن.. يحدث هذا بينما أهلنا الغبش القابعين في أرياف السودان وفيافيه الواسعة يعانون الأمرين عندما يتقدمون لطلب الجنسية السودانية حيث تمارس معهم شتى أنواع الذل والهوان ويحتاجون إلى عشرات الشهود وشهادات الفيش والتشبيه والشهود من أبناء العمومة والخالات إذا كان الأبوان قد انتقلا إلى دار البقاء، بالإضافة إلى الأوراق الثبوتية الأخرى التي تعزز الطلب للحصول على الجنسية السودانية للسودانيين المولودين في تراب هذه الأرض وترعرعوا بين أحضانها وشربوا من ماء نيلها العذب، وقد يأخذ الأمر أكثر من شهر ونصف الشهر في التدقيق والتمحيص ومراجعة الأوراق الثبوتية قبل أن يصدر الفرمان الأخير بالتصديق للمواطن السوداني بنيل شهادة الجنسية السودانية كمواطن له الحق في التمتع بكل الحقوق والواجبات التي تكفلها قوانين المواطنة السودانية. ومايدهشني حقاً ويحير كل العباقرة هو أن الوطن غالٍ و رجالاته وولاة أمره يقومون بالتصديق للوافدين من خارج البلاد من عرب وعجم بنيل الجنسية السودانية التي تتم بين غمضة عين وانتباهتها دون أن تتم الاستفادة من هولاء المجنسين في تدعيم الجهات التي ينتمون اليها بقدراتهم ومواهبهم وأفكارهم طالما أنهم قد باتوا مواطنين سودانين من حقهم المشاركة في أي عمل أو مراسم تتعلق باسم السودان.. وهو أمر لانجد له تفسيراً. فإذا لم تستفد الدولة من خدمات المجنسين الأجانب في تدعيم تطورها وازدهارها فلماذا كان التجنيس أصلاً وهل هو يتم للوجاهة واستعراض العضلات أم ماذا.. إنني اضم صوتي لصوت الكابتن الخلوق مصطفى النقر قائد المنتخب السوداني المخضرم والمحلل الفضائي بقناة الجزيرة والذي قال كلمة حق بلغة الحادب على مصلحة وطنه حيث طرح تسأولاً عريضاً يتمثل في حتمية الاستفادة من اللاعبين الأجانب المجنسين في أندية الدوري الممتاز لتدعيم صفوف المنتخب الوطني السوداني مستدلاً بتجارب دول من حولنا مثل قطر والبحرين وغيرها من الدول والتي استفادت كثيراً من لاعبيها المجنسين في فرق الدوري القطري وقامت باستقطابهم لتدعيم صفوف المنتخب القطري في مشاركاته القارية والإقليمية على مستوى دول آسيا، فكان أن حقق المنتخب القطري نتائج إقليمية وقارية مغايرة لما كان عليه قبل التجنيس.. فماذا يضيرنا إن تمثلنا بمسلكهم الحميد وفعلنا مثلما فعلوا واستعنا بخامات ساكواها وسادومبا وإبراهيم توري وعصام الحضري وغيرهم لتدعيم منتخب الوطن حتى نصل إلى تحقيق الغايات التي نرجوها لوطن العز والشموخ.. وهل هنالك من سينبرئ من بين الصفوف ليقول إن منتخب السودان منتخب لقيط فساعتها سنرد عليه وبقوة ونقول له بملء الفم إن هولاء سودانيون يحملون الجنسية السودانية ويتمتعون بكل مزاياها وتخصصاتها.. وإذا كنا نخشى هذه الجزئية و«نختشي» منها فلنمتلك الشجاعة ونوصد الباب في وجه التجنيس ونكتفي بالمحترفين الأجانب الثلاثة في كل نادٍ من أندية الممتاز حتى نعطي الفرصة المطلوبة للنجوم الواعدة لتأخذ مكانها في خارطة الأندية السودانية بعد أن أصبح كل نادي من أندية الممتاز وبخاصة أندية الدولار والجماهير «هلال- مريخ» تمتلك أكثر من ستة لاعبين بين مجنس ومحترف وجميعهم يلعبون كأساسيين في الفريق الأول حيث تبقى الفرصة متاحة فقط إما أربعة لاعبين محليين بجانب حارس المرمى وهو الأمر الذي جعل منتخبنا الوطني في بطولة الأمم الأفريقية الحالية في غينيا والجابون يلعب بخط هجوم فقير ليس فيه من الهدافين سوى النجم المشاكس كاريكا ولم يجد الكوتش مازدا أمامه سوى الاستعانة بلاعب الوسط محمد أحمد بشة ليكون مهاجماً رديفاً في ظل ندرة الهدافين بسبب اعتماد أندية الهلال والمريخ على المهاجمين الأجانب بين صفوفها سعياً للكسب في المباريات دون النظر لماهية الوطن وحاجته للمهاجم المحلي لاسيما وأن منتخبنا هو منتخب هلال مريخ، حيث تتم القسمة العادلة بينهما في كل اختيار ستة من الهلال وخمسة من المريخ ولاعب واحد من باقي الأندية الأخرى ولكن حظوظه في المشاركة تصبح معدومة حيث يكون تواجدهم في صفوف المنتخب لاستكمال النصاب القانوني للتدريبات الاعدادية والاستعدادية.