كان شعوراً رهيباً جداً وصدمة كبيرة عندما سمعت خبر سقوط واحتراق الطائرة التي تقل زوجي دكتور عبد الحليم المتعافي وزير الزراعة هكذا بدأت الحديث الدكتورة هند مأمون بحيري وقالت ل«آخر لحظة» شعرت بتوتر ودخلت في نوبة بكاء شديدة وأنا لا أعرف مصيره، وكان بجواري ابني مأمون وهو خائف جداً على والده، ولكن ارتحت قليلاً عندما تلقيت اتصالاً من زوجي دكتور المتعافي أبلغني بأنه بخير وفي أتم صحة وعافية وتحدث مع أولاده وطمأنهم على صحته، ولكن مع ذلك كان الجو العام في المنزل متوتراً جداً ننتظر بفارق الصبر عودته، وعندما عاد شعرنا بالأمان، وانتابني شعور جميل جداً في تلك اللحظة وتأكدت بأن المتعافي يسير في الطريق السليم وقلوب الناس تقف إلى جانبه وذلك للاعداد الكبيرة التي هرعت لاستقباله في المطار وتجمهرت بعد ذلك في المنزل من الأهل والأصدقاء والزملاء في منظر تقشعر له الأبدان، ولاحظت في تلك اللحظة أن شعور المتعافي كان عادياً وطبيعياً جداً ولم ألحظ فيه أي انزعاج أو توتر بقدر ما احسست أنه حزين كثيراً لفقد شهداء من الزملاء في الحادث الذين كان يعتمد عليهم في العمل وكانوا قريبين جداً إلى قلبه. وأضافت دكتورة هند بقولها: المتعافي كشف لي أسرار هذه الرحلة وتفاصيل الحادث وقال لي: تأخرنا «40» دقيقة عن الإقلاع من الفاو وكانت مروحة الطائرة مدورة ننتظر مساعد مدير البنك الزراعي، وسبحان الله كان هذا التأخير هو سبب نجاتنا من الحادث، فعندما تحطمت الطائرة كانت مروحتها ما زالت تدور، وأضافت دكتورة هند الطريف في الأمر أن المتعافي انتظم في «روجيم» لتخفيف وزنه منذ عامين وتوقف عن أكل العيش والحلويات والسكريات عموماً ولا يأكل إلا الفواكه، وفقد نتيجة ذلك «10» كيلو من وزنه وسبحان الله لولا ذلك لما استطاع الخروج عبر شباك الطائرة. وقالت د. هند بحيري إن د. المتعافي كعادته دائماً عندما يكون مسافراً يجهز أغراضه منذ وقت مبكر وقبل أن يخرج أودعه بشهادة ألا إله إلا الله، ولكن في السفرية الأخيرة دخل وخرج من المنزل ثلاث مرات على غير عادته فهو عندما يخرج لا يعود مجدداً. ونفت د. هند بصورة قاطعة منعه من السفر مجدداً بعد أحداث الطائرة بقولها: نحن ناس متوكلين والأقدار بيد الله عز وجل ولا نملك فيها شيئاً ولا نستطيع أن نمنعه من السفر لأداء أعماله وواجباته أو أن نقول له لا تركب الطائرة.. ولكن قاطعها ابنها مأمون المتعافي قائلاً: نعم لا نمنعه من السفر ولكن ما يسافر بي طائرة هلكوبتر. واسترجعت د. هند مأمون بحيري ذاكرتها قليلاً إلى الوراء وقالت التقيت لأول مرة بدكتور المتعافي في كلية الطب بجامعة الخرطوم وكان في الدفعة التي تسبقني، وكان وقتها ضمن الحركة الإسلامية يطرحون أفكارهم في أركان النقاش بالجامعة، وكان وقتها يقود أركان النقاش الفكرية الخاصة بالمرأة وحقوقها التي كفلها لها الإسلام وحريتها وطريقة معاملتها، وكنت معجبة جداً بحديثه وارتبطت به بعد ذلك وتزوجنا.. وضحكت د. هند وقالت د. المتعافي فاشل إدارياً في أمور المنزل، بمعني أنه يوفر لنا المال فقط ولا يشرف على أي شيء بالمنزل لأن أغلب أوقاته في العمل، حتى أنني عندما استشيره في أمور ابنائنا لأستنير برأيه لا يتدخل ويحتفظ برأيه لنفسه، ولكنه بعد ذلك يختلي بأولاده ويخبرهم برأيه في موضوعاتهم. وكشفت د. هند أسرار زوجها د. المتعافي في أوقات فراغه بالمنزل قائلة: صديقه القرآن الكريم يلازمه على الدوام، بالإضافة إلى أنه يشاهد القنوات الأخبارية خاصة قناة الجزيرة، ويراجع مشاريع الوزارة وأبحاثها ويدرسها جيداً ويستفيد كثيراً من الانترنت. وأخيراً قلنا لدكتورة هند مأمون بحيري إن وراء كل رجل عظيم امرأة، فقالت: استفدت كثيراً من تجربة والدتي مع والدي عليه الرحمة فقد كان وزيراً للمالية في فترة حكم الرئيس الأسبق جعفر نميري، وكنت اتابع وأشاهد طريقة تفهم والدتي لمسؤولياته وكانت سنداً قوياً له.