درسنا في المراحل الابتدائية ما يتعلق بكبر حجم دولتنا السودان ، وخصوبة أراضيها.. كما درسنا أن بلدنا يعد »سلة غذاء العالم«.. تلك الجملة المتدثرة بثوب الشفاهة... دون مسها للواقع بشئ - حتى الآن - على الأقل..!! { المصيبة أن هذه «السلة» لم تجلب لنا غير النزوح سواء كان من شرق أفريقيا، أو غربها... أو من مجاهل غاباتها جنوباً.... بل كانت تلك السمعة الطيبة لبلدنا والخيرات «المزعومة» في تجاويف اراضيه، وحتى في سفوح تلاله، هي السبب الرئيس في اغراء النازحين الذين غزوا السودان يحملون آمالاً برغد العيش.. ووفرة مكونات الحياة التي يفتقدونها في اوطانهم.. فكان النزوح هنا بمثابة «هجرات جماعية»..!.. من البديهي أن تتسبب تلك «الهجرات» بدورها في خلق أزمات اقتصادية واجتماعية نظراً للحال العام للبلاد... والذي يجافي المقولة السائدة من زمن بعيد... أي «سلة غذاء العالم»...!! { الغريب في الأمر أن «بعض» هؤلاء النازحين - منهم أناس طيبون ضاق بهم الحال في اوطانهم - قد اسهموا في خلق فجوة اجتماعية بينهم والمجتمعات الأصلية ، وكثير من الآراء تتفق على أنهم عندما أتوا أول مرة.. كانوا يتصفون بصفات جيدة خاصة من ناحية النشاط في العمل والاتقان.. إلا أنهم في الفترة الاخيرة... اظهروا نوعاً من الثقة... أو «الدلع» - إن جاز التعبير - في كثير من مناحي العمالة... فقد صار العامل منهم لا يقبل بما كان عليه سابقاً.. وبالدارجي البسيط «اتمسكنو لحدي ما اتمكنو»..!! { يوم أمس أثناء جلوسي على بص الوالي قادماً إلى العمل.. إذا بفتاتين وشاب من الأجانب يجلسون بجواري... وعندما ارادت الفتاتان النزول في محطتهن.. اوقفن البص وهممن بالنزول.. إلا أن الشاب كان يتحدث بهاتفه وبصوت عال.. وبعد أن وصلت البنتان إلى باب البص... عدن مرة أخرى ليأخذن الهاتف من الشاب... ونحن منتظرين.. بعد عشرة دقائق - تقريباً - أخذن الهاتف... وهممن بالنزول مرة أخرى... رن الهاتف... عدن إلى الشاب - الذي «يتوهط» المقعد.. تحدث بالهاتف... ثم أعطاه إياهن.. ثم.. ثم.. إحدى الطالبات - السودانيات - تحدثت إلى «الكمساري» - بأدب - تنبه على التأخير... ماكان من الفتاة الاجنبية إلا أن شنت عليها هجوماً قائلة: «انتي مالك السبر دا ما إندك؟؟»؟... ولا زال البص واقفاً..! وقتها لم استطع التمييز بين «الأجنبية».. و«ست البلد»..!!