ولأننا شعب محترم.. نبيل ومدهش وأصيل.. ولأننا نقدر المعروف.. تأسرنا الهدايا.. نعرف كيف نرد الجميل.. ولأن من يقدم لنا «السبت» لا نكتفي بتقديم الأحد وحده له.. بل نرفق معه الاثنين والثلاثاء والاربعاء.. وكل أيام الاسبوع.. نهبها خالصة له ما عدا الجمعة التي لا نفرط فيها مطلقاً.. وأذكر جيداً تلك الدموع التي هطلت كمطر العينة، وتدفقت جداول من عيون الأحبة «مولاناتنا» في شمال الوادي.. وكيف هزمهم الفرح حد البكاء والنحيب.. و «الكوراك» ونميري يصدر قوانين سبتمبر.. وكيف توافد هؤلاء العلماء والمشائخ ذرافات ووحدانا.. هبطوا للخرطوم رجالاً وعلى كل ضامر وعبر كل «طيارة» أتوا من فج عميق لتحية نميري ولمصافحة الشعب السوداني وهو يرفل في ثياب شرع الله.. وأذكر جيداً أن بعض اولئك العلماء قد تحدثوا في مرارة و «حسادة» مستنكرين أن يسبقهم السودان ذاك القطر المسكين في تحكيم شرع الله والقاهرة مدينة الألف مئذنة كان أجدر وأحق من السودان في ارتياد آفاق تحكيم شرع الله المطهر.. والآن «ما فات أي حاجة» وها هم «الأخوان» يكتسحون الانتخابات المصرية اكتساح الفريق الأهلي السوداني «زمان» لفريق «لحج» في تلك الأيام وب 14 هدفاً مقابل صفر.. نعم نشهد انها انتخابات حرة ونزيهة ونظيفة.. أتت بالأخوان و«أخوانهم» السلفيين في حزب النور ليسطروا على أغلب مقاعد البرلمان.. ولكن قبل أن نقدم هديتنا أو «الأحد» رداً على «سبتهم» دعونا نقول.. إن الشعب المصري الذي اصطف خلفهم في طوابير الاقتراع هو شعب مسلم تحتشد صدوره بأشواق هائلة وشاهقة للإسلام.. وهو يتمنى أن يعيد «الاخوان» عصر «يثرب» وقدسية أضواء مكة.. وعدل الصحابة.. وسبب آخر أن الشعب المصري كان وما زال- وحتى يفيق من ذاك الوهم- يعتقد أن دولة مبارك هي دولة علمانية مدنية.. والحقيقة غير ذلك تماماً.. لم تكن دولة مبارك دولة مدنية ولا علمانية.. ولا صفة واحدة تجمعها بالعلمانية والمدنية ولا حتى هي دولة حزب «الحزب الوطني».. لم تكن دولة مصر وعبر ثلاثين عاماً غير دولة أسرة واحدة صغيرة، لا يتعدى أفرادها خمسة أفراد.. لم تكن مصر تخضع إلا لحكم مبارك وزوجته سوزان وابنيه جمال وعلاء.. مثلهم مثل دولة القذافي التي حكمت ليبيا ولم تكن الحكومة أو الدولة.. غير القذافي وابنائه وزوجته، وهو ما ينطبق تماماً على دولة زين العابدين بن علي الذي كان هو الدولة بالشراكة مع زوجته ليلى الطرابلسي.. وأخيراً دولة اليمن.. التي لم تكن غير أسرة علي عبد الله صالح وأخوانه وأصهارهم، ولأن الأخوة الأحبة في اليمن «محافظون» لم يسمحوا لإمرأة واحدة من الأسرة الحاكمة أن تشاركهم في حكم اليمن.. إذن إنه من الظلم وغير العدل.. أن تسمى تلك الحكومات التي ذهبت مع الريح حكومات علمانية أو مدنية.. وهذا الفهم المغلوط هو الذي دفع المواطنين غير «الملتزمين» بالتصويت للإسلاميين لأن البديل هو العلمانيون.. المهم لقد تصدر الإسلاميون المشهد.. وقد آن الأوان أن نقدم لهم هدايانا بل هديتي- شخصياً- وهي ليست أكثر من برنامج مكتمل الأركان منيع البنيان و «جاهز» حتى لا يهدرون الوقت في «الاجتماعات» ويفرغون أنفسهم في المقترحات والمناقشات.. إنه برنامج عشناه هنا في السودان لمدة اثنين وعشرين سنة وتزيد.. أنا واثق أنه يناسبهم تماماً.. لأن الذين صمموا هذا البرنامج هم إخوة لهم.. يجمعهم صف واحد.. يتحدثون بلسان واحد.. يتشابهون حتى في الزي والملبس.. يتطابقون حتى في «اللحي» وتلك الثياب القصيرة التي لا ولن تصل إلى القدمين بأي حال من الأحوال.. وبالنسبة للأحبة المصريين الذين لا يرتدون «الجلاليب» فإن «بنطلوناتهم» هي تقف تماماً في المنطقة بين الخصر والقدمين.. «يعني» البنطلون «أطول شوية» من البرمودة.. وبالمناسبة حتى لغتهم واحدة.. ومفرداتهم واحدة، ولا عجب فإنهم يشربون من نفس البحيرة.. بحيرة الإمام حسن البنا.. ولم أشاهد تنظيماً موحداً- وإن بعدت الأقطار بل حتى القارات مثل تنظيم الأخوان المسلمين- إذاً غداً نقدم لهم هديتنا والتي هي برنامج نأمل أن يسيروا على هديه حتى يروا النجوم في عز الظهر.. فإلى غد..