بالأمس بث موقع حركة العدل والمساواة التي فقدت زعيمها ومؤسسها قبل أشهر قليلة، ومواقع أخرى على الشبكة العالمية للمعلومات (الانترنت) خبراً عن اتفاق بين الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) وحزب الأمة القومي من جانب وبين ما يسمى بالجبهة الثورية السودان، جاء فيه أن هذه المجموعات اتفقت على إسقاط نظام المؤتمر الوطني عبر المزاوجة بين كافة وسائل النضال من انتفاضة سلمية وكفاح مسلح إلى جانب إيجاد خارطة طريق لتوحيد القوى السياسية في جبهة موحدة للإجماع والديمقراطية، وإقامة نظام جديد قائم على أساس المواطنة المتساوية في أعقاب زوال نظام الإنقاذ. الاتفاق جاء بعد لقاء جمع أعضاء المجلس القيادي لما يسمى بالجبهة الثورية برئاسة المتمرد مالك عقار ونوابه في التمرد عبد الواحد محمد أحمد النور، ومني أركو مناوي، وأحمد آدم بخيت في ما أسماه بيان الاتفاق بالأراضي المحررة بجبال النوبة في الثالث عشر من مارس الجاري، بنصر الدين الهادي المهدي نائب رئيس حزب الأمة القومي، والتوم هجوم القيادي بالحزب الاتحادي الأصل. السؤال الذي يطرح نفسه الآن بعد هذا البيان هو مدى قبول حزبي الأمة القومي والاتحادي الأصل لهذا الاتفاق، وهل من تحدث باسمهما يعبّر عن رؤية وتوجهات الحزبين أم لا علاقة للحزبين بذلك الاتفاق؟ بلادنا تحتاج إلى أن تتفق كلمة أبنائها لا أن تختلف، وسبق للحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل أن أوضح موقفه من توجهات التوم هجو الساعية للتصعيد ولكن الحزب الآن في حاجة إلى أن يتخذ موقفاً صريحاً من هجو الذي يجري في مضمار غير الذي يجري فيه حزبه. أما بالنسبة لحزب الأمة القومي الذي أعلن الحرب على المعارضة بالأمس فإنه في حاجة إلى أن يكشف عن حقيقة موقفه في التعامل مع التمرد المسلح، خاصة وأنه الحزب الذي طالما رفع شعار الجهاد المدني، ولن يكفي نفي الحزب توقيعه على الاتفاق وتكوين لجنة للتحري مع نائب رئيسه نصر الدين الهادي المهدي.. لأن السؤال التالي سيكون (باسم من جاء التوقيع) وهل جاء «نصر الدين» و«هجو» دون موافقة حزبيهما..؟.. وهل كانا يظهران بوجيهما الحزبيين الحقيقيين أم كانا يضعان أقنعة سياسية أخرى على تلك الوجوه؟ ما يسمى بالجبهة الثورية السودانية في أمس الحاجة لمثل هذه الأحداث «الدراماتيكية» التي تلفت الأنظار نحو هذا التنظيم المتآكل والذي لن يستمر لأسابيع حتى تظهر عليه بوادر الخلاف والاختلاف كما قال أحد قادة التمرد السابقين لعدد من السياسيين والصحفيين قبل أيام.. نتوقع تحركاً انتحارياً وتصرفاً طفولياً لا بطولياً تقدم عليه هذه الجبهة التي أخذت تكتب نهاية الفصل الأخير في مأساة التمرد، ولكن بمداد من دم.