كثرت أكاذيب هيكل حول استشهاد الإمام الهادي، وهو حدث كبير عاشه الملايين في تلك الأعوام.. وعاش لحظاته الآلاف من رجال السياسة والصحافة والمثقفين، بل الذين يشجبون أساساً دخول العنف في الحياة السياسة، والتي لم يعرفها السودان إلا في تلك الأعوام بين النظام وخصومه، فكلاهما قد خطا نحو العنف ولوح به، ثم وقعت المصادمة بين نظام مدجج بالسلاح ومدعوم من قوى عالمية وإقليمية، وبين من أرادوا مقاومته وأسقاطه بحد السلاح.. والموقف الآن عبر هذه المساحة لا لتقييم الموقف ولا حسابات الربح والخسارة، ولكن عن واقعة تاريخية كثر عنها الكلام هذه الأيام، وتزعم وزرها هيكل هذه المرة بحديثه عن محاولة النظام المصري آنذاك إغتيال الإمام بواسطة سلة من المانجو المسموم تقدم إليه هدية، فتأمل سذاجة الموضوع- إذا افترضنا جدلاً- أن المخابرات المصرية والنظام المصري القوي الثوري- آنذاك- يتبع مثل هذا الأسلوب الرخيص والمرفوض أساساً، عبر أدبيات هذا النظام الذي جعل من القاهرة ملجأ للمعارضين والمقاومين لأنظمتهم من أرجاء العالم، مهما كانت أوجه الإختلاف والإحتراب بينهم، ولم يعرف عنه أساليب الإغتيال لا داخلياً ولا خارجياً بخلاف بعض الأنظمة في المنطقة التي عرف عنها ذلك.. ومن المضحك أن تكون هدية الإمام «مانجو» ومن من «من مصر التي غير منتجة للمانجو أساساً بل بدأت بعد السودان في صعيد مصر، بعد ذلك بسنوات مقارنة بالسودان الذي هو موطن المانجو الأصلي.. فالذي يهدي للإمام مانجو كمن يبيع التمر في هجر، وفي الوقت الذي يزعم فيه هيكل «حكاية» المانجو المسمومة كانت القاهرة تستضيف الإمام الصادق في أراضيها في الحفظ والصون آنذاك. والرواية الأغرب هي التي نسبت إلى السادات، وسامي شرف ورددها هيكل.. وأقحم بعضهم فيها اسم حسني مبارك الذي كان آنذاك ضابطاً صغيراً في جناح الطيران.. وقبل أن يظهر في سماء السياسة بسبعة عشر عاماً.. وأن «السادات».. ولم يكن رئيساً لمصر أوصى النميري بتصفية الإمام، وهي الأخرى من الترهات، وثالثة الأثافي فشهود إغتيال الإمام أغلبهم أحياء حتى الآن.. وأصدق شهاداتهم هي شهادة الوطني المجاهد الراحل الشيخ محمد محمد صادق الكاروري- الذي أوضح بلا مراء، كيف تمت تصفية الإمام في حضورهم، وكيف تصرف ضابط المجلس والإداري الشيوعي، ونفذ جريمته في العراء الطلق وخلف شجيرات.. وهو التصرف الفردي الذي حوكم من أجله، والذي أثبتته شهادة الشهود.. دون أن يكون في دفاعه كلمة واحدة توحي بأن هناك توجيهاً أو تعليمات له من النظام بتصفية النظام الشهيد. الدس وإدعاء الفهم، ومحاولة التباهي والإبهار بالمعرفة شيء.. وحقائق التاريخ وقراءته قراءة صحيحة للأجيال شيء آخر، ويمضي كل ذلك وتبقى سيرة الإمام الشهيد حلوة عاطرة في القلوب..