في طريقنا إلى عطبرة للمشاركة في الاحتفال بيوم السودنة- سودنة منصب المدير العام لسكك حديد السودان في يوم 28/7/1957، والذي تقدمت به كمقترح للجنة تكريم ووداع حمزة محمد عثمان الفاضلابي، فتبناه المهندس مكاوي محمد عوض المدير العام لهيئة السكة الحديد.. أول ما لفت نظري لوحات إعلانية ضخمة على طريق التحدي، مكتوب عليها الشواخص المضيئة لسلامتكم.. وهي علامات مصنوعة من الفايبر كانت مفروشة على جانبي الطريق، ذهبت جميعها في خبر كان، ولم تصمد إلا الوحة الإعلانية، التي أرجو أن تستفيد منها شركة شيكان بإعلان جديد، بدلاً عن الإعلان عن أشياء لا يوجد لها مجرد أثر، فقد دهستها إطارات السيارات.. وهذا يعيدنا لمربع المواصفات والذي يقوده د. محمد عثمان إبراهيم، ويفتح كل يوم بل كل ساعة معركة جديدة من العربات الكورية، وحتى أكياس تعبئة الأسمنت، وما بينهما أعانه الله، فهو رجل شديد الغيرة على اسمه، وعمله، والسودانيون أهل أجاويد يهرعون اليه كل يوم لحل مشكلة، ويعودون وهم يرددون (راجل فقري)، وكان الرجل جاري ذات يوم، وشيخي في حلقة التلاوة.. وأميري في الحي، وحاجات ثانية أشد أهمية. المهندس حمزة الفاضلابي مستشار ولاية نهرالنيل، من مهامه التي أوكلها اليه الوالي حصاد المياه، (والراجل كراعو خضراء) فالمياه التي تحيط بالطريق من بانقا وحتى حلة الصفر، في بير الباشا، والمسيكتاب، وما بينهما توحي للمسافر بأنه على ظهر سفينة، أو سيارة برمائية، مساحات شاسعة، وكميات وفيرة من المياه، يبدأ بها الباشمهندس وهو مطمئن من حصيلة الولاية من مياه الأمطار والسيول، بالإضافة إلى مهامه الثلاث الأخرى، والتي سنتحدث عنها لاحقاً بإذن الله. أمام مكاتب العموم في عطبرة، كان الاحتفال المهيب والمبسط، وقد كان من المديرين السابقين حضوراً الباشمهندس عبد المنعم عباس، والذي شغل منصب المدير العام للسكة الحديد في الفترة من 7/6/1969م وحتى 15/4/1973م، وقد أظهرت صورة الارشيف الباشمهندس عبد المنعم شاباً وسيماً قسيماً، مرجل الشعر في البدلة الكاملة.. قبل أن تمر السنون بيدها على ذلك الرجل، الذي التحق بالسكة الحديد، ولما يزال طالباً في مدرسة الهندسة بكلية غردون التذكارية، وقد قوبل حضور المهندس حسن خليفة والذي شغل منصب المدير العام في الفترة من 28/3/1995م وحتى 17/8/1997م بترحاب حار وتصفيق حاد، أكد مكانة الرجل ووفاء الرجال.. وكذلك الباشمهندس عمر محمد نور أطول المديرين قامة وإقامة في المنصب الذي شغله من 17/8/1997م وحتى 17/11/2006م. العم الباشمهندس عبد المنعم عباس قال إن اسم عطبرة هو عاصمة الحديد والنار، ولكن بعد قدوم مكاوي يجب أن يتحول اسمها لعاصمة الحديد والنور، لأن مكاوي هو من أضاء مدينة عطبرة، بعد أن كانت الكهرباء لا تعرف طريقها للقطاع السكني إلا في ساعات الصباح الأولى، ولمدة دقائق محدودة، حتى أطلق عليها أهل عطبرة لقب (الحرامي)، وكانت محطة توليد الكهرباء يتصاعد منها دخان كثيف، ولا تنتج كهرباء فأسماها أهل عطبرة (الفلوجة) التي يتصاعد منها دخان التفجيرات والعمليات العسكرية. سبق لسان المهندس مكاوي قلبه، عندما بدأ في القاء كلمته فقال: عندما أوكلت إليّ هذه (المصيبة) وأسرع في تصحيح نفسه فقال (المسؤولية)، فضج الاحتفال بالضحك والتصفيق، وهي بالفعل مصيبة مالم تسارع الإدارة الجديدة في تبرئة ذمتها من حقوق العاملين والمعاشيين، والذين يعانون الأمرين، ثم الالتفات إلى تفعيل القرار الجمهوري، والخاص بتولي الدولة للبني التحتية وترك أمر التشغيل للقطاع الخاص والمستثمرين، ففي ذلك فليتنافس المتنافسون.. وما لم تجرِ الإدارة تحديثاً للخطوط المزدوجة وكهربتها لرفع معدلات السرعة والأمان إلى مستويات قياسية، فلا أحد سيفضل استخدام السكة الحديد بضائع أو ركاباً، ليضيع أهم عوامل المنافسة وهو (الوقت)، فكل شئ يمكن استعواضه إلا (الوقت) فهو كالسيف أن لم تقطعه قطعك. ومن أعضاء مجلس الإدارة الفريق عمر الفاروق الخدمة الإلزامية سابقاً، والمهندس برنابة خريج هندسة جامعة الخرطوم 1962م، والذي ظهرت أقدميته على بقية خريجي كلية الهندسة لأم أكول، ورياك مشار، ومكاوي محمد عوض، ومنير وكيل وزارة النقل وغيرهم، وبرنابة في هدوئه وشكله الخارجي، يبدو أصغر سناً من كل هؤلاء الشيوخ الشباب، فرقة (التيراب) بقيادة ذو الفقار حسن، قدمت فقرة (فكرة) لخصت تاريخ السكة الحديد، واحتفت بيوم سودنة منصب المدير العام لهيئة السكة الحديد، الشئ الذي أشعرني بالزهو لأن ذلك هو اقتراحي والحمد لله. تلاعب المسرحيون باسم مكاوي، فنسبوه إلى (المكواة) وهي ساخنة، ثم لمسوا صورته وفزعوا منها، لأن فيها ماس كهربائي.. ثم رحبوا به ترحيباً حاراً.. أضطر معه مكاوي لاستخدام أكبر قدر من المناديل الورقية.. وهذا هو المفروض،،