انتهت امتحانات الشهادة السودانية بعد أن شدت أنفس الأمهات والآباء قبل الطلاب والطالبات.. لأنه ببداية الامتحانات تكون هناك حالة طوارئ داخل كل منزل به ممتحن.. صعيبة هي أيام الأمتحانات.. جميلة لمن كد واجتهد وارتاح بعد أن عصر «عصارة» عقله بما اختزنه في أيام الدراسة من سهر وشرح وفهم واستذكار للجادين الذين يحرصون على أن يخطو إلى الأمام بالعلم فقط... وهي كابوس لمن ضيع زمنه في اللعب واللهو ويريد أن ينجح على حساب غيره. سأروي حادثتين حدثتا في مدرستين مختلفتين.. كل منهما مؤسف أكثر من الأخرى.. الحادثة الأولى أن معلمة بإحدى المدارس العريقة ببحري.. أوصتها والدة التلميذة الممتحنة بأن ابنتها «يصيبها الخوف والرعب» في الامتحان رغم أنها لم «تقصر» في المذاكرة والحفظ، وطلبت الوالدة من المعلمة أن تكتب أو تحل الامتحان بدلاً عنها.. لم ترفض المعلمة القديرة المربية الفضيلة التي من المفترض تكون حارسة أمينة على رقابتها للطالبات.. لكنها تجردت من رسالتها- محتمل أن تكون قد قبضت ثمناً لذلك- فالعلم عند الله وحده.. ولكن بفعلتها هذه شوهت صورة المعلمة التي يحترمها كل الناس.. علماً بأن الامتحان الذي حلته نيابة عن الطالبة هي نفس المادة التي تدرسها تلك المعلمة، سوف أترك لكم الحكم عليها. وعكسها تماماً المعلمة الجديرة القديرة التي اكتشفت الطالبة داخل الامتحان وهي في حالة غش تتلقى مكالمة من الخارج بتمليتها الحل في التلفون أثناء الامتحان.. ضبطتها إحدى المعلمات فأنكرت تلك الطالبة أنها تتحدث بالتلفون وقد كانت حريفة جداً فاضطرت المعلمة أن تخلع من رأسها «الطرحة» لأنها كانت تتحدث عبر «سماعة» التلفون.. كل من هذه الحادثتين نتاج إن مراقبة الامتحانات أصبحت داخلية، بمعنى أن الكنترول والمراقبين هم من نفس المدرسة المركز، مما قد يزيل الرهبة عن هؤلاء الطلاب أو «يحنن» قلب المعلمين على تلاميذهم، أو قد يجعل المعلمين يتغاضون عن بعض ممارسات الطلاب، حتى يضمنوا أن مدارسهم تدخل في الأوائل، ويشتهر صيتها، إن كانت حكومية أو خاصة.. عجباً لزماننا نعيبه والعيب فينا.. هذا قليل من كثير حدث لم ندر به، وما خفي كان أعظم.. يا حليل العلم والتعليم والمعلم.. وياحليل التدريس الذي أصبح مهزلة..