حالة أحزابنا السياسية سواء في الحكومة أو المعارضة.. تعتبر استثنائية.. فهي محيرة.. فمن السهل أن ينشق العضو وينضم إلى حزب آخر.. ويعقد مؤتمراً صحفياً يقول فيه عن حزبه السابق (ما لم يقله مالك في الخمر).. أو يؤسس له حزباً جديداً لا يختلف عن حزبه السابق من حيث التكوين والدستور.. بل لا يجتهد حتى في اسم حزبه الذي يتطابق مع حزبه السابق في كل شىء عدا (الحرف الأخير).. وهذا لزوم التسجيل في مجلس الأحزاب.. وأسباب الانشقاق كثيراً ما تكون حول المناصب داخل الحزب أو سيطرة مجموعة على مفاصل العمل الحزبي أو خلافاً حول (المشاركة في السلطة).. لكن العديد من المنشقين عادوا إلى أحزابهم القديمة لأسباب مختلفة.. فمثلاً المؤتمر الوطني الذي انشق منه أمينه العام الدكتور حسن الترابي.. احتفظ بكلمة (المؤتمر) وأضاف لها كلمة (الشعبي) بدلاً عن (الوطني).. في وقت أن الحزبين يتفقان في كثير من القضايا.. لأنهم جميعاً نهلوا من معين (الحركة الإسلامية).. لكن (مرارت الانشقاق) باعدت بينهما وأذكت روح الخلاف.. وبرغم ذلك عاد الكثيرون من (الشعبي) إلى (الوطني).. وينطبق الأمر على الحزب الاتحادي الذي انسلخت منه قيادات عديدة.. وأسست أحزاباً اتحادية (الشكل والمضمون).. حيث احتفظت بمرجعيتها دون أن تجتهد في تطوير الحزب.. وكذا الحال في حزب الأمة القومي الذي خرجت منه عدة أحزاب تحمل اسمه وأفكاره.. واللافت أن الانشقاقات لم تكن لشيء سوى تحقيق أهداف محددة تنتهي بانتهاء الأسباب.. فنجد في كل حزب لجنة أو (وسطاء) للم شمل الحزب بغض النظر عن نتائج جهودها ومواقف كل طرف منها.. فما يشهده الأمة (القومي) من خلافات حول توحيد الحزب بين قيادة الحزب من جهة ومجموعتي مبارك الفاضل (الإصلاح والتجديد).. و(التيار العام) من جهة أخرى يمثل حالة (سودانية) تستحق الدراسة.. لأن مبارك خرج من الحزب ليحقق أهدافه بالانضمام للحكومة وخرج منها وانضم لمعسكر المعارضة المتشدد.. ثم عاد إلى دياره القديمة وفي حقيبته جملة من الشروط.. وهي شروط لا تتسق مع منهج الإمام الصادق الذي اختار طريق لمعارضة الحكومة بعيداً عن (المصادمة).. وهو طريق استطاع أن يقنع به العديد من قيادات الحزب الحاكم.. حيث قال لقناة الشروق إن بعض قيادات الوطني يوافقونه الرأي.