بعد إنقلاب حسن حسين ضد النميري,أصدر إتحاد الطلاب المستقلين بيانا نعي فيه الشهيد وكان منشورا في دار السودان ,وفي نفس اليوم كان هناك حفل غنائي ساهر بنفس المكان.حضر أحد الطلاب وكان من دارفور,فقال معلقا علي المشهد:دخلنا الدار لقينا نعي شهيد ولقينا غنا ورقيص..أنا قلت ياربي الإتحاد دا مجنون ولا شنو؟.ضحكنا وطبعا كان ضحكا له أسبابه في ذلك الموقف,إلا أنني تذكرته بقوة هذه الأيام.العناوين بالصحف كلها تخبر عن مهددات عظيمة للوطن..ويستشهد ضباط وجنود ومواطنون دفاعا عنا ..وتجد التلفزيون يغني ويرقص! قمت قلت في نفسي وجهرا:التلفزيون دا مجنون ولا شنو؟ كيف يكون الوطن مهددا,وكيف يكون في الوطن أناس يتلقون أكلهم من خواجة..ونحن لا نذكر ذلك إلا في الأخبار؟ .... حدث أن دولة المماليك هددها التتار بالغزو ووقفت الجيوش علي الحدود تتحرش بالبلاد ,وكان هناك عجز بالميزانية العامة, فاقترح قطز أن تفرض على الناس ضرائب لدعم الجيش , وهذا قرار يحتاج إلى فتوى شرعية لأن المسلمين في دولة الإسلام لا يدفعون سوى الزكاة، ولا يدفعها إلا القادر عليها، وبشروط الزكاة المعروفة أما فرض الضرائب فوق الزكاة فهذا لا يكون إلا في ظروف خاصة جداً، ولابدّ من وجود سند شرعي يبيح ذلك. فاستفتى قطز الشيخ العز بن عبد السلام فأفتى قائلاً: (إذا طرق العدو البلاد وجب على العالم كلهم قتالهم، وجاز أن يؤخذ من الرعية ما يستعان به على جهازهم بشرط أن لا يبقى في بيت المال شيء وأن تبيعوا مالكم من الممتلكات والآلات، ويقتصر كل منكم على فرسه وسلاحه، وتتساووا في ذلك أنتم والعامة، وأما أخذ أموال العامة مع بقاء ما في أيدي قادة الجند من الأموال والآلات الفاخرة فلا. ) قبل قطز كلام الشيخ العز بن عبد السلام، وبدأ بنفسه, فباع كل ما يملك، وأمر الوزراء والأمراء و النواب والمستشارين والمعتمدين وأقاربهم أن يفعلوا ذلك, فانصاع الجميع, وتم تجهيز الجيش كله. لملاقاة التتار الزاحفين، نزول قطز على حكم العزّ, جمع أموالا أغنت الدولة عن فرض الضرائب وعن الإغاثات وكانت أموالا لم يتخيل أحد أن تكون بذاك الحجم .وتحقق النصر المستحق. تخيلوا معي لو أن قطز لم يستجب لرأي العز؟..أو أنه شكل مفوضية لبحث الأمر وخصص لها تسييرا ومخصصات ونصب لها سرادقات وبشر فيها المغني بالصقير الذي سوف يحوم فوق جثث جيش التتار الشعبي؟ ..وواصل التلفزيون برامجه غُنا ورقيص من السبت للخميس؟.ببساطة كانت ستذهب أموالهم التي جمعوا غنيمة للغزاة أولمن يخلفهم بعد الهزيمة, ولظهر في تلفزيونهم من يغني لزوالهم. إذا كان التهديد الذي يحدق بالوطن حقيقياً فلنرتفع لمستوي المسئولية ولنعمل بفتوى العز وليشارك كل الوطن وليحس كل مواطن ومسئول بذلك.....وتعالوا نعمل ما يقوى العزة في نفوسنا ولا نترك أمرنا للطرور المتسول يشوه وجه السودان:ويا بلد لا بُد جاييك يوم ويؤخذ فيه بفتوى العز.