شكا الأستاذ علي كرتي وزير الخارجية من أن مساعدات الدول المانحة للسودان عبر المنظمات الدولية لا توجه وجهتها الصحيحة، ولا يستفاد منها بصورة مباشرة . وأذكر في لقاء رسمي جمعني مع السفير «البرتو فيرنانديز» سفير الولاياتالمتحدةالأمريكية بالخرطوم الأسبق، ذكر لي أن حكومته أكبر داعم للسودان من خلال المعونات التي تقدمها بلاده، وقلت له إن المواطن لايحس بها ولا يراها، واستدرك أن المعونات تقدم بواسطة منظمات دولية مختصة في مجال المعونات. الصحفية السويدية المتخصصة في تغطية الحروب ليندا بولمان لها كتاب بعنوان «بأصدقاء هؤلاء» انتقدت فيه عمليات «صناعة المعونة» المتعددة المليارات من الدولارات، وهي أموال المعونات المخصصة لمناطق الكوارث والأزمات والحروب والتي لاتصل إلى المتضررين، وتضيف بولمان في كتابها الذى عُرض على بعض المواقع الالكترونية.. أينما ذهب العاملون في قطاع الإعانة تزدهر «تجارة الدعارة». تشير الإحصاءات إلى أن بالعالم نحو «37.000» منظمة معونة تنفق حوالي «130» مليار دولار، وهي بهذا الشكل تشكل قوة اقتصادية كبيرة تصنفها كخامس اقتصاد فى العالم.. في تقرير لمنظمة تهتم بالدراسات الخاصة بالمعونات الخارجية للدول الغنية« Action Wide »، توصلت في بحث لها أن عشر سنتات فقط من كل دولار تدفعه واشنطن هو المعونة الحقيقية إلى تقدمها للمتضررين . وزير التخطيط في الحكومة الأفغانية السابقة الدكتور رمضان دوست حذر العالم من منظمات الإغاثة وقال: «أتمنى أن أرى منظمة إغاثة واحدة أنفقت 80% من نقودها لصالح الشعب الأفغانى و 20% لصالحها ». في كل مناطق الحروب والكوارث يشكو المسؤولون الرسميون من منظمات الإغاثة فهي تنفق على نفسها أولاً بلا سقف للصرف على السكن المريح ووسائل الانتقال الفخمة وشبكات الاتصال الدولية السريعة والملاعب الرياضية الخضراء للغولف والتنس والكرة، وعلى الأجور العالية للكادر الأجنبى من العاملين فيها.. وأيضاً على النفقات الخاصة بإداراتها العليا والنثريات اليومية، حتى وصلت ذات مرة وفي السودان إلى الز وجة والأبناء لبعض عمال الإغاثة الأجانب . منظمات الإغاثة والإعانة هي الوجه الخفي للاستعمار الجديد، بل قد تكون الاستعمار نفسه، فهي التي تدوِّن التقارير المفبركة وهي مصادر المعلومات غير الموثوق فيها لوسائل الإعلام الدولية الغربية، وهي التى «تثكل وتمنح» إذا تم تنبيهها أو قُيدت حركتها، وتنيب عنها من بعد ذلك دولها ووسائل إعلامها فى وصف من يقيد حركتها بأنه غير متعاون مع المجتمع الدولي، ويعمل على إعاقة وصول الإغاثة إلى المتضررين فى بلاده، مع أن المتضررين لاينالون شيئاً منها . السيد وزير الخارجية هذه المنظمات لاتسدي خدمة ذات فائدة، ولا تقدم إعانات تأبه لها البلاد، فهل تتجرأ الوزارة المعنية لشؤون المعونات والإغاثات على فضحها بالأرقام والبيانات ودراسة الحالة في دارفور فيما بين «2003 - 2010»