إشراف عبد الرحمن جبر: تصوير سفيان البشرى: سجل الشاعر العائد من الغربة الطويلة في بلد الضباب القمر زيارة كريمة (لآخر لحظة)، يرافقه الأستاذ حسن صلاح ابن البادية، والتقى أسرة الصحيفة التي استغلت هذه الزيارة وخرجت منه بحوار سريع، تحدث خلاله بشير القمر عن أعماله القديمة والجديدة، بالإضافة إلى المعوقات التي واجهته في الساحة الفنية بعد هجرة طويلة استمرت لأكثر من عشرين عاماً، فماذا قال بشير القمر: أكد الشاعر العائد من الغربة بشير القمر على أن الجيل الحالي من الفنانين الشباب هو جيل مادي، لا تهمه مصلحة الأغنية السودانية في شيء، وقال بشير ل(آخر لحظة): بعد عودتي من الغربة الطويلة تأسفت كثيراً لشكل الأغنية الذي تغير للأسوأ، لذلك وجدت صعوبة كبيرة جداً في التعامل مع الجيل الحالي من الفنانين الشباب، في الكلمة واللحن، فهم مجموعة فنانين همهم الأول حصد الأموال فقط، والشيء الغريب أنهم لايعرفونني ،ولكن الأغرب والمؤسف أكثر أنني عندما حاولت أن أتعاون مع بعضهم طالبوني- بجرأة غريبة وعجيبة- أن أدفع لهم مقابل أن يتغنوا لي، وصدمت كثيراً بذلك، وللأسف الشديد هذا الجيل مادي ولا تهمه مصلحة الأغنية في شيء، رغم أن هناك أصواتاً جميلة، ولكن لا تملك المضمون، بالإضافة الى استهتار عدد منهم بقيمة ومقدار الناس، فمثلاً اتصلت على الفنانة الواعدة فهيمة عبد الله لأعطيها أعمالاً مميزة تدعم بها مسيرتها الفنية، ولكنها صدمتني كثيراً وتأسفت لاتصالي بها لأنها تعاملت معي بأسلوب «تافه» جداً لا يمثل أدنى احترام لي، فأنا شاعر وملحن صاحب تاريخ طويل، وهي ما زالت فنانة واعدة، وأنا أعمالي مميزة جدا رددها عدد كبير من المطربين منهم فنان الشباب الأول محمود عبد العزيز «زمن ضائع»- وعماد أحمد الطيب «بلبل»- والطيب مدثر «دقي يا مزيكا دقي»- وأحمد شاويش «عاجباك روحك»- ومصطفى حمزة «حاول اتذكر» وغيرها من الأعمال، والآن استعد لتعاون جديد مع الفنان الكبير صلاح بن البادية بعمل بعنوان «مليون بحبك»، فأنا أكتب الشعر على مدى 30 عاماً، واستغرب بشير القمر في تشكيك البعض في ملكيته لأغنية «زمن ضائع» و«حاول اتذكر» وقال: هذين العملين من كلماتي وألحاني قدمتهما للجمهور قبل هجرتي لخارج السودان، ولكن سُلبت الحان العملين ونسبهما شخص معروف في المجال الفني الى نفسه، ولكن عند عودتي اتخذت الاجراءات القانونية واسترديت كل حقوقي المادية والأدبية، وأثبت حقي وملكيتي لهذه الأعمال. وتأسف بشير القمر لحال الشعراء الشباب وقال: قبل فترة قليلة التقيت بأحد الشعراء الشباب، وطلب مني تلحين أحد أعماله، وعندما اطلعت على النص وكان مضمون شطر البيت الأول «يلا قومي وفكفكي»- قمة في السقوط والانحطاط- ولكن هذا لايمنع وجود أعمال جميلة ومميزة، لقلة لهم مجهودات مقدرة، ولكن بشكل عام الكلمة الغنائية أصبحت هابطة، وليس لديها مضمون، وللأسف حتى المتلقي أصبح يحب هذه اللونية من الغناء، وهذا انعكاس للوضع في السودان، لأن الفن هو مرآة الشعوب، وكشف بشير القمر عن استعداده للتعاون مع جميع المطربين الشباب لأنهم أصوات واعدة، ولكن ضلت الطريق وقال: للأسف لا أجدهم حتى أتعامل معهم فأنا أكتب الشعر وألحن لمدة 30 عاماً، وكرامتي تمنعني من أن أجري خلف الفنانين الشباب وأبحث عنهم، فهذا شيء مخجل، فأنا أمتلك الآن أكثر من 25 عملاً جاهزاً من كلماتي وألحاني، سوف أقدمها للفنانين الجادين فقط. وأوضح بشير أسباب ابتعاده عن وسائل الإعلام، وقال هي تحتاج لمعبر ومعرفة، وأنا لا أعرف طريقها، وغربتي الطويلة خارج البلاد ساهمت كثيراً في الفجوة بيني وبين الإعلام، لذلك أقول بإنني من أهل الكهف. واسترجع بشير القمر شريط ذكرياته قليلاً وقال: سافرت من مقر إقامتي في لندن الى المغرب، وأخرجت ديوان «زمن ضائع» وطبعت منه 400 نسخة ووزعتها في مصر ولندن للأدباء والفنانين، ومقدمة الديوان كتبها الأستاذ الراحل حسن ساتي، ولكن الآن أنا محبط جداً في إعادة طباعة الديوان مرة أخرى في السودان، ويدور بخاطري سؤال مهم، لماذا أطبع الديوان.. وعشان منو.. ولمن أخرجه؟ ولكن مع ذلك سوف أطبعه للمعرفة فقط، ويساعدني في ذلك الموسيقار الشافعي شيخ ادريس، الذي له دور كبير وأساسي في خلق تواصلي مع الساحة الفنية، وله مني الشكر الجزيل ولكن مع ذلك اتصلت بي بلدية «برايتون» للفنون في بريطانيا، وأعربوا عن إعجابهم بأعمالي وطلبوا مني ترجمتها لديوان باللغة الانجليزية، ووافقت على ذلك، وتم تدشينه عبر احتفالية كبيرة، بمقر منظمة العفو الدولية بلندن، ووجد اهتماماً وحضوراً كبيراً، وهذه من المفارقات فكيف يهتم بي الانجليز بكل هذه الحفاوة ولا أجدها في وطني؟. وفي ختام حديثه ترحم الشاعر والملحن بشير القمر على روح الشاعر الكبير حسن الزبير وقال: هو من شجعني للولوج للشعر الغنائي، وأعطاني أسرار ومفاتيح وكيفية كتابة الشعر الغنائي، وهو جميل لا أنساه له والشكر أخيراً للعروسة «آخر لحظة» على إفرادها لي هذه المساحة واهتمامها بشخصي فالتحية لها.