رجال يهرولون نحو العدو يخرجونه عنوة من أرضنا الطاهرة، يكبدونه الخسائر في العتاد والأرواح، وآخرون يهرولون بسياراتهم نحو طلمبات الوقود يمتصون مخزونها ويملأون «تنوكة» العربات، لأن «الحرب ولعت في هجليج».. من المسؤول في هذه الدولة المستهدفة عن تلقين هؤلاء دروساً في التعامل مع ظروف الحرب، التي ستكون طويلة الأمد مع جار عدو، وقديماً قالوا:«عدو عاقل خير من صديق جاهل»، ونحن قد ابتلانا الله بأول وآخر هذه العبارة «عدو جاهل». التحية لطلاب الخرطوم وهم يتظاهرون ويحاصرون سفارة دولة البغي والجحود والعدوان، ويطالبون باغلاق الجامعات، ويجردون أربعة آلاف كدفعة أولى لدعم مجاهدي القوات المسلحة، والتحية لرئيس إتحاد طلاب ولاية النيل الأزرق وهو يعلنها مدوية وبالصوت المليان: نحن ندعم قواتنا المسلحة لاسترداد الأرض وحماية العرض.. النيل الأزرق التي كانت تفتقر للمدرسة الأولية، بل الصغرى، بل الكتاب أصبح رئيس إتحادها يخاطب الناس من منبر جامعة النيل الأزرق.. وأهل النيل الأزرق قد جربوا أدعياء نصرة المهمشين لمدة خمس سنوات، ولم يعرفوا منهم إلا الاستيلاء على ثروات الشعب لمصلحتهم ومصلحة أهليهم وذويهم. من يعلِّم المهرولين نحو طلمبات الوقود أن رجلاً قال لعنترة بن شداد أرني كيف تصرع أعداءك، قال عنترة أعطني أصبعك وهاك أصبعي وليعض كل منا الآخر، وفعلا ذلك، وماهي إلا لحظات فإذا بالرجل يصرخ ويفك أصبع عنترة، فقال عنترة للرجل لو صبرت أنت قليلاً لصرخت أنا!!.. نحن نريد جهة مسؤولة تعلِّم المهرولين نحو الطلمبات معنى الطمأنينة والصبر في الحرب، وجهة أخرى مسؤولة تتعامل مع المرجفين في المدينة وتجعلهم يبتلعون ألسنتهم حتى يتم دحر العدو الغاصب، ثم تدعهم يأكلون من خشاش الأرض التي ما راعوا لها حرمة ولا حفظوا لها جميلاً. والتحية تستحقها وزيرتان اتحاديتان كانتا بالأمس في جنوب كردفان «إحداهما» الأستاذة سناء حمد وزيرة الدولة بوزارة الإعلام التي عقدت مؤتمراً صحفياً هناك في تلودي، مؤكدة أن أخوات نسيبة راميات قدام و«أولاهما» الأستاذة أميرة الفاضل وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي التي ترأست لجنة الإسناد الاجتماعي والدعوي والثقافي لولاية جنوب كردفان، التي وضعت برنامجها لمدة أثني عشر شهراً وحشدت له حوالي ثلاثين جهة ممولة، وجمعت له (35) مليون جنيه، ودشنت المشروع هناك في كادوقلي متزامناً ذلك مع زيارة الوزيرة سناء حمد لتلودي، فما كان من مولانا أحمد هارون إلا أن يقطع المسافة بين كادقلي وتلودي- وتلودي وكادقلي يستقبل الوفدين الكريمين في نفس اليوم. والتحية للإمام الصادق المهدي الذي وقف موقفاً صريحاً مع قوات الشعب المسلحة في معركة الكرامة والتحرير، أما ثالوث الشر الذي كتبت عنه منذ بضعة أشهر فهو في غيه يتردى ويتردد، وهو ثالوث تجمعه حتى حروف الاسم «ش.ع. ي» شعبية، شيوعي، شعبي، فالأولى أعلنت الحرب علينا، والثاني والثالث هما الوحيدان بين الأحزاب لم يستنكرا فعلها!!. وليت الشعبية سمعت نصيحة رياك مشار، الذي قال لهم هؤلاء الناس قاتلناهم خمسين سنة، ولم يكن لديهم بترول، ولم نستطع دخول مدينة واحدة رئيسية في الجنوب، فكيف نقاتلهم الآن ونطمع في دخول مدن الشمال. ليتهم سمعوا نصيحته وأنكفأوا على شعبهم يؤهلونه للحياة.. هل تعلمون أن الحركة الشعبية لم تؤهل حتى الآن جنوبياً واحداً ليدير كنتيناً في السوق؟!! الحركة الشعبية عبارة عن صفوة تقود شعب الجنوب كالقطيع إلى حتفه.. التأهيل الجماعي الوحيد الذي قامت به الحركة الشعبية هو أنها جعلت مجاميع من بسطاء أهل الجنوب يعتقدون أن حياتهم تتوقف على حمل البندقية، وأن برنامج الولاء الوطني لديهم هو الحقد على الشمال «الدولة الأم». إن الدينكا المسيطرين على كل شيء في جوبا يخافون أن تنقلب عليهم القبائل النيلية والقبائل الاستوائية، لذلك هم يحرصون على استدامة عدو خارجي يوحدون به هذه القبائل لأعلى شيء، إلا على الخراب والدمار. الدينكا هم العقلاء، ولكنهم يعضون على الحكم بالنواجذ، وهم الذين يرسخون هذه العبارة لدى صغارهم We have born to rule not be بمعنى الدينكا ولدوا ليَحكُموا لا ليُحكَموا.. وأنا أتنبأ بانفجار قبلي وشيك على مستوى القصر الرئاسي في جوبا، فما هي مؤهلات سلفا بجانب مشار النويراوي ولام أكول الشلكاوي غير أن الأول دينكاوي؟!... أيها المهرولون إلى طلمبات الوقود أصبروا قليلاً فإنهم سيصرخون قبلنا، فهم لا خدمة مدنية منتظمة لديهم، ولا أسر ممتدة يسند أفرادها بعضهم البعض، ولا عقيدة قتالية غير الحقد وحب الدنيا.. فاللهم أجعل كيدهم في نحورهم، وتدميرهم في تدبيرهم، وخذهم أخذ عزيز مقتدر.. اللهم منشيء السحاب منزل الكتاب، مجري الحساب، هازم الأحزاب، أهزمهم وأنصرنا عليهم بنصرك المبين.. آمين.