تخصص عالم أمريكي فى مطاردة العواصف والأعاصير القمعية وإعتراض سبيلها ليوقفها ويحد من غلوائها، ومهمته هذه ليست سهلة وهي محفوفة بالمخاطر، لأنه يتوجب عليه تحديد مواقع العواصف والأعاصير بدقة متناهية وحتى إذا إستخدم أحدث تجهيزات الإرصاد الجوية فهي ليست سهلة حيث أن هذه العواصف أصغر من أن تلتقطها الرادارات المتطورة أو صور الأقمار الصناعية، ولذلك يبحث العالم الأمريكى تيم سماراس عادة عن أخطر أنواع العواصف الرعدية التى تسمي سوبرسيل التى تولد الإعاصير القمعية. وأعاصيرسوبرسيل عبارة عن تكتلات دوارة من السحاب إرتفاعها نحو 60 ألف قدم ويمكن أن تمتد فى دائرة قطرها خمسة كيلومترات، وإذا ما لامس جزء من هذه الكتلة السحابية الدوامة الأرض، فإن ذلك ينذر بولادة إعصار مدمر خلال فترة وجيزة. وتتركز هذه الأعاصير فى رقعة أرض عريضة فى الولاياتالمتحدة بين جبال روكيز وميسيسيبي تسمي زقاق الأعاصير والذى تكثر فيها العواصف والأعاصير. وتتمثل مهمة هذا العالم والخبراء العاملين معه فى مطاردة الأعاصير ليضع فى طريقها مسباراً علمياً حديثاً، وهو عبارة عن جهاز مدرع بداخل كاميرات متطورة وذلك لقياس الرطوبة ودرجة الحرارة والضغط وسرعة الرياح وإتجاهها فى قلب الدوامة القمعية، وبعد أن يزرع المسبار يندفع سماراس مبتعداً بأقصى سرعة عن المكان قبل أن يطاله الإعصار المدمر. ولإنجاز مهمته يتنقل سماراس فى شاحنة مجهزة بمستلزمات الحياة اليومية، إضافة إلى مختلف الأدوات العلمية بما فى ذلك نظام تحديد المواقع الأرضية بالأقمار الصناعية جي بي أس وماسحات وشاشات عرض متطورة ووصلة إنترنت لاسلكية وأجهزة تعقب الأعاصير بالأقمار الصناعية. بدأ سماراس فى مطاردة الأعاصير قبل 15 عاماً وهو يحب هذه المهنة لأنها تجمع بين هواياته وعمله المهني، فهو مهندس كهربائي يعمل فى شركة أبحاث حيث ساعد فى تطوير وصنع المسبار الذى يعرف بإسم السلحفاة فى أوساط خبراء الإرصاد الجوي. ويبلغ وزن الجهاز المخروطي القصير 20 كيلو غراماً وطول قطره 50 سنتيمتراً وإرتفاعه 8 بوصات وهو مليء بأدوات القياس والحساسات الدقيقة. وقد حقق سماراس وفريقه برعاية من الجمعية الجغرافية الأمريكية قيل سنوات إنجازاً علمياً غير مسبوق حيث تمكن من زرع جهاز مدرع بداخله كاميرات متطورة فى قلب بلدة مانشستر بولاية ساوث داكواتا الأمريكية فى محاولة لقياس ما يجرى داخل ذلك الشبح المرعب الذى دمر أجزاء كبيرة من البلدة. ويقول سماراس إن أهم ما فى الأمر أن يتواجد فى المكان الصحيح فى الوقت الصحيح قبل أن تتطور العاصفة. وحالما يعثر على عاصفة آخذة بالتطور، يصبح إعتماده على حواسه أكبر من إعتماده على التكنولوجيا ويبدأ فى تفحص كتلة السحاب وحركتها بحثا عن أية مؤشرات تنذر بولادة إعصار وشيك. وعندما تقترب منه العاصفة يقفز إلى شاحنته، التى قطع بها فى عام واحد فى مطاردة العواصف حوالي 40 ألف كيلو متر، وينتقل إلى زاوية أخرى ثم يناور محاولاً أن يتوقف فى طريقها مباشرة ليزرع مسباره العلمي فى الطريق. وتتطلب تلك المناورة سرعة خاطفة للهروب من وجه الإعصار قبل فوات الأوان ويستغرق منه وضع المسبار على جانب الطريق عادة حوالي عشر ثوان. وتعلق الأوساط المتخصصة أهمية كبرى على عمل سماراس والخبراء العاملين معه حيث يقول أحد الخبراء الذى يعمل منذ سنين على دراسة سلوك العواصف والأعاصير أنه سبق وأن شاهد تجارب ناجحة لقياس الضغط داخل إعصار، لكن سماراس هو أول رجل يقوم بقياس الحرارة والرطوبة وسرعة الرياح وإتجاهها فى قلب الإعصار. وبلا شك فإن البيانات التى جمعها سماراس ستكون مفيدة فى التنبؤ بشدة ومدة الإعاصير فى المستقبل.