تمكن الطوارق من الإستيلاء على مدينة تمباكتو فى مالي، المدينة القديمة التى يتجاوز عمرها الألف سنة والتى تقع على حافة الصحراء الأفريقية الكبرى إلى الشمال من نهر النيجر. وقد أضفى المؤرخون والكتاب القدامى على المدينة هالة من السحر، حيث وصف المؤرخ المغاربي حسن ابن محمد الوزان الفاسي الثراء الذي كانت هذه المدينة تتمتع به بقوله إن بعض الحاجيات الذهبية التي كان ملكها يحتفظ بها كانت تزن المئات من الكيلوغرامات. وقال أن نساء تمباكتو كن من الجمال بحيث كان لابد للزائر أن يقع بحب إحداهن فور وصوله ويتزوجها. وتمباكتو كانت مركزاً تجارياً مهماً، إذ كانت تقصدها قوافل الملح الثمين من الصحراء، كما إزدهرت فيها تجارة الرقيق والعاج. وتشتهر تمباكتو بأنها مركزاً ثقافياً، وقبلة للعلوم الإسلامية حيث تحتفظ مكتباتها ال 60 بسبعمئة مخطوطة تاريخية على الأقل. والطوارق شعب من الرحل يقطنون في مساحة شاسعة من الصحراء الأفريقية تمتد من موريتانيا في الغرب إلى تشاد شرقاً. ويطلق عليهم أحياناً إسم الشعب الأزرق، نظراً لإصطباغ جلودهم بالصبغة الزرقاء للباس التقليدي الذي درجوا على إرتدائه. وقد تعود الطوارق، مثل البدو الرحل، على الترحال بقوافلهم المكونة من قطعان الإبل في سائر مناطق الصحراء الأفريقية الكبرى ودول الساحل الأفريقي دون الإكتراث بالحدود بين هذه الدول. وعُرف الطوارق تاريخياً بأنهم شعب مقاتل، جيد التسليح، فهم يحملون معهم في ترحالهم السكاكين والسيوف والخناجر والرماح. وليست هذه أول حركة عصيان يقوم بها الطوارق، فقد سبق لهم أن إنتفضوا على حكومات تشاد والنيجر وغيرها مطالبين بإنهاء التهميش الذي يمارس بحقهم وبحصة أكبر من عوائد بيع المعادن الثمينة التي تزخر بها دول المنطقة كاليورانيوم وغيره. ولكن العصيان الحالي في مالي يختلف عن الحركات التي وقعت في السابق نظراً لمستوى التسليح الذي يتمتع به المتمردون. فالعديد من الطوراق المشاركين في العصيان الحالي قد عادوا تواً من ليبيا حيث شاركوا في القتال في صفوف العقيد القذافي وصفوف الثوار الليبيين. وقد جلب هؤلاء معهم إلى مالي كميات من الأسلحة المتطورة مما أضفى خطورة على العصيان المستعر أصلاً في تلك البلاد. ويحارب الطوارق من أجل تأسيس دولة خاصة بهم يطلقون عليها إسم ازاواد. وقد رفع المتمردون الطوارق علم هذه الدولة على مدينة تمباكتو التاريخية ومدينتي غاو وكيدال، ولكنه من غير المرجح انهم سينجحون في تحقيق حلمهم بالإستقلال إن كان في مالي أم في النيجر أم في أي بلد آخر. وقد عرف قاموس أوكسفورد الإنجليزي كلمة تمبكتو بأنها تشير إلى «أبعد مكان يمكن تخيله» ويعود أول إستخدام موثّق لإسم المدينة بهذا المعنى إلى عام 1863، عندما ذكرت الكاتبة الإنجليزية دف جوردن الإسم في خطاب لها من العاصمة المصرية القاهرة. وقد أسس مجموعة من البدو الطوراق مدينة تمبكتو في القرن الثاني عشر، وخلال 200 عاماً أصبحت مدينة ثرية تقع على خطوط تجارة الملح والذهب القادمة من جنوب الصحراء الافريقية الكبرى. ومن خلال كُتّاب مثل حسن ابن محمد الوزان الفاسي، وصلت إلى أوروبا حكايات حول ثراء المدينة، مما أثار فضول الكثير من المستكشفين الأوروبيين. وعزز من الغموض المحيط بالمدينة صعوبة الوصول إليها، حيث فشلت الكثير من بعثات الإستكشاف الأوروبية في الوصول إليها على مدار عدة قرون. وفي عام 1829، وصف الشاعر الاسكتلندي ألفريد تينيسون المدينة بأنها غامضة وغير مفهومة، وذلك في قصيدة حملت إسمها وشبهها بإلدورادو (مدينة الذهب) وأتلانتيس (المدينة التي إبتلعتها الأمواج). كما كانت تعتبر مكاناً أسطوريا يشتهر بالتجارة والعلماء المسلمين. ولكن تمباكتو المعاصرة تختلف عما كانت عليه في عصرها الذهبي، حيث يغلب عليها طابع الفقر وهي مهددة بالتصحر.