في السنين الخوالي وفي القولد إلتقيت بالصديق ، وهي على فكرة مدينة أو بلدة تقع جنوبي قريتنا التي فارقتها منذ سنوات طويلة ، أقول في القولد كان ثمة رجل من الأغراب حل في البلدة ذات مساء صيفي ، وقد فتحنا أعيننا ووجدنا المهندس زكي الرجل الطيب يجوب بدراجته النارية القرى المتاخمة لإصلاح بوابير المويه والطواحين وكانت رحلته اليومية تمتد إلى مسافات بعيدة جنوبا وشمالا ، ولأن إنسان تلك القرى طيب ومسالم فإن أحدا لم يسأل الباشمهندس زكي كيف جاء ومن أين أتي وبمرور السنوات إمتزج في نسيج الحياة وتزوج وأصبح واحدا من أهل الشمال . وأجزم إنني أعرف هذا الزكي جيدا لأن والدي رحمه الله كان رئيسا للمشروع الزراعي ومسؤولا عن إصلاح وابور المياه ، وكان زكي كثيرا ما يحل في منزلنا ، ورغم إنني فضولي من الدرجة الأولى الأ إنني لم أجرؤ على سؤاله كيف ومن أين أتي ، ولكن كانت خلف الكواليس تثور شائعات أن الرجل من ألمانيا أو البانيا هرب من أتون الحرب العالمية الثانية وأحتمي في القرى الشمالية . وأذكر أن الكثير من أهالي القرى كانوا يؤكدون أن هذا الزكي يخاف من مشهد الدماء ، نعم من مشهد الدماء ، ويهرب أن شاهدا جريحا ، الآن بعد السنوات الطويلة ، أتصور أن الرجل الطيب زكي رحمه الله كان يكره مشهد الدماء ، لأنها تذكره ويلات الحرب العالمية الثانية وما جرى فيها من دماء وما حصدته من قتلى من جيوش الحلفاء ودول المحور، المهم الآن يا جماعة الخير تذكرت المهندس زكي وخوفه من الدماء والسودان ودولة جنوب السودان ، تحمل كل واحدة منهما إلى شقيقتها مليون ضغينة وتتمنى إغراق الأخرى في بحار من الدماء ، بحار كشلالات النيلين الأزرق والأبيض . ولكن دعوني أقولها بصراحة نحن ضد الحرب وضد أسالة الدماء ، ولعلعة السلاح أيا كان نوعه ، وحتى تكون المسألة آخر منجهة ولا يتم التقتيل في المناوشات بين الدولتين ، أقترح أن تتولى الجهات المعنية في السودان وفي دولة جنوب السودان بإستيراد سلاح روسي جديد ، نعم سلاح روسي جديد غير فتاك ، هذا السلاح حسب الخبراء يدوش ويجعل الشخص يشعر بأنه يحترق ولحظتها يقوم ( صوف ) من ميدان المعركة ، دون ان يصاب ان يقتل . على فكرة هذا السلاح غير الفتاك تم تجربته من قبل معهد تابع لوزارة الدفاع الروسية . وأثبت فاعليته في ردع الأعداء دون قتلهم أو بتر أعضائهم . إذن علينا في السودان وفي دولة جنوب السودان إستيراد هذا النوع من السلاح ، لأننا سئمنا ومللنا من حمامات الموت والقتل ومشاهد الدم للركب في كل مناوشة ساخنة بين الدولتين .