وتقوم الحياة العامة على الوفاء بالعهود.. وإلا اختلَّت كل الموازين .. واختلجت مفاصلها.. فسادت وتباينت النوايا السالبة.. ثم انطفأت الشموع المتعددة.. المسعفة للأمل والحياة.. وإن علا الضجيج والهرج.. لذا فالحياة هي العهد والالتزام الأزلي.. فانظر أنت لترى العهد في أنك تتصاعد أنفاسك عبر مواردها المتداخلة.. فالعهد أن ترى بعينيك على مدها ومداها.. إلا أن يعتريها خلل.. فتسعى أنت لإصلاحه وعلاجه «فإن الله لم يخلق داءً إلا وخلق دواءً » كما يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم- ويزيد « فتداووا عباد الله».. لتعود أنت لعهد النظر.. لتجمع ذلك إلى التطور والألق الفكري.. فيتمدد الفعل والفكر.. ويعبر لآفاق البصر القصير إلى التفكير ورؤية الغد.. حتى ذهب الإنسان فقال «لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء».. والعهد أن تطلع عليك الشمس في مواقيتها وكذلك في غروبها.. فإن طال نهارها هنا قصر ليلها جداً في زوايا أخرى من الأرض.. والعهد أيضاً أن يكون سائل الماء رقراقاً لا يتدخل في نفعه ونعته أحد مهما كانت سطوته وادعاءاته.. والعهد كذلك أن تتجمع الأمم في أعراقها ومساراتها.. وتتخاشن لتحس أنها في حاجة للدعة والتعامل الموزون.. ونقول في أشعارنا «ألا وبضدها تتمايز الأشياء».. وهكذا العهد بالأمل والرجاء وحراك المخلوقات تتجدد كلما أعتراها السأم والملل.. أو «تخاللت» البنيات التحتية والبينية والفوقية وعلى سطوح الأنجم وما لا نعلم.. فهذا تطواف ليتفتق عندكم «عبق» العبقريات الكامنة.. ومن صنو هذا العهد والالتزام.. جاءنا الأخ/ علي عثمان محمد طه.. نائب رئيس الجمهورية.. والأخ/ د. رياك مشار.. نائب رئيس الجنوب.. جاءونا في «أبريل» الماضي بضاحية «كاودة» بجنوب كردفان .. ونحن نعقد دورة تفاكرية لمجلس حكماء جنوب كردفان.. وحينها هبت محلية « هيبان» واحتشدت وقالت «الله أكبر» وقالت «ويْ ييْ» وقال آخرون «الله أكبر ولله الحمد» وبعد المصافحة والمناصحة والمكالمة و«الحمحمة» صمت الناس.. ماذا تقول حكومة الخرطوم.. بصحبة حكومة الجنوب.. فقال «علي عثمان» أنا شاكر لكم «بعد الله» أن جمع بيننا هنا.. وجاءبكم من البدو.. فإنني باسم الحكومة التزم «بثلاثة»: أولاً: بناء مدرسة ثانوية للبنات.. وثانياً: داخلية.. ثم ثالثا: مركز متطور للشباب.. وأن يكون ذلك بمتابعة أخي «أحمد هرون» - الوالي- ونأتي لافتتاح هذه المنشآت بعد «أربعة» أشهر«بالتمام».. فهذا«عهد» والمسلمون عند عهودهم.. و مضى الناس وهم ينظرون لبعضهم.. وجلهم يقول.. سننظر «أتصدق أم تكون كالسابقين» وجاء على قدر شهر «أغسطس» وهو ميقات «جمرات العهد». فخفَّ «علي» و «أحمد هرون» وآخرون.. خفوا على رواحلهم لافتتاح منشآت العهد.. لأن العهد كان مسؤولاً.. وفي ذات المواقع الظرفية بضاحية «كادوة» اُفتتحت مدرسة «الوعد» الثانوية.. وملحقاتها ومركز الشباب.. وزيد على ذلك مستشفىً ريفي أنيق .. فانشرح الناس ثم هللوا حين رفع الاذان ليصلي الناس في المسجد «المعتق الجديد»الذي جمع القوم أجمعين.. يضاف إليه من المساجد الأخرى.. مسجد «المطار» الفخيم الذي ذكرته لكم في مقال سابق.. وتنتظر «كادوة» افتتاح الطريق الباعث القريب ليربط الأنشطة والظاعنين بأرجاء «كادقلي» .. فلمثل هذا فليعمل العاملون- يا أخي «علي».. فمحلية «هيبان» إذن تعيش «زهواً» بهذه «الزيارة» المتفاتحة .. ولتهنأ أيضاً بمشاهدها «أي كاودة» واخضرار وديانها وجبالها وسهولها.. في هذا الموسم الماطر الهنئ.. وكأنني أشعر بهم يقولون للسودان جميعاً: تعالونا زائرين ومعايشين.. وليس فقط عابرين.. كما قال لنا « قريباً» أخوتنا في («تلشي» العامرة.. والتفت السودان كله.. يلمح ويتابع هذه الزيارة الرئاسية الخريفية الممطرة.. تبدأ «بكاودة» وتنداح وتتدرج «لتلودي» بمدخل «التبلدي» ومصرع «أبورفاس» الذي أعدمه الشباب.. حين « قلَّ أدبه» في محفل عام.. وقتها.. ثم تدخل الزيارة بالطريق الدائري «الطائري» تدخل كادقلي حيث «الاستاد» الباهي الجديد.. و «الميناء» البري أيضاً.. بالبان جديد.. شمالاً.. والخيول تترى.. وكذلك الخيرات.. وتزحف الزيارة لحاضنة «الميارم» مدينة «الميرم» النموذجية ليمتد الطريق الرابط من «المجلد» عبر «الميرم» إلى «أويل» فيدخل ضحى إلى «واو» والآخر من «المجلد» إلى «أبيي».. وأوصيكم بجيرانكم طول «الحدود» أوصيكم بهم خيراً.. فقد عشتم الجيرة دهراً طويلاً.. ولا تتركوا «شَرَلاً» واحداً للوسواس الخناس.. و «التركاش» يكون في متناول كل منكم والاستقرار يقوى ويمتن العلاقات الأزلية... ولنرى ونتابع كلنا الشبكات الرابطة «الدبيبات/ أبوزيد/ الفولة» ثم « كادقلي/ لقاوة/ الفولة/ بانبوسة/ المجلد..» والآخر «آنفاً» يلج «واو» عبر «المقطاع» والاستاد الكبير بها.. وهكذا.. وهكذا.. فإن هدأت أرجاء القطاع الغربي ونفذت مخططات تنمية هذه البنية التحتية.. وأزدهرت أيضاً تنمية «الضرع» و «الزرع» و «التعليم» وعلائق «المجتمع» المحلي .. حينها يكون السفر « بالبيوت».. «الخرطوم/ ربك/ الفولة/ بابنوسة/ المجلد/ الميرم/ أويل/ واو» عن النصح والإعمار.. وليكن لسانهم ندياً بمقولة الشاعر: «وإني وإن كنت الأخير زمانه*لآت بما لم تستطعه الأوائل» ولأن القرآن الكريم يقول «... إن ابني من أهلي».. إلا أن يكون «عملاً غير صالح».. ويقول تعالى كذلك «وانذر عشيرتك الأقربين».. ولتكن كما قال الشاعر لبنيه: كونوا جميعاً يابني إذا اعترى خطب ولا تتفرقوا آحاداتأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً* وإذا افترقن تكسرت آحادا.فشكراً لأخي الوفي/ علي عثمان محمد طه.. الذي رعى عهده حتى أوفاه.. والجايات أكثر من الرايحات.. كما يقول مثلنا ولا نقول إن الطموح تعتوره دائماً الإمكانات.. ولكن رؤانا دونها الثريا.. وعلينا قاطبة بالشورى وبسط الرأي.. فإنه ما تشاور قوم قط إلا هُدوا لأرشد أمرهم .. كم قال المصطفى «صلى الله عليه وسلم».. فإذن: هي للدين.. هي للدين.. لا للسلطة بل تمكين.. إذ «الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور».. والله أكبر.