اهتمامنا بالشأن السياسي في مصر يأتي في المرتبة الثالثة بعد السودان الوطن وأشقائنا في دولة جنوب السودان الجديدة، فأرض الكنانة هي وطن كل سوداني وبلدنا وطن لكل المصريين، فالروابط التاريخية والقواسم المشتركة بين الشعبين الشقيقين منذ الأزل جعلت المصير واحداً والمستقبل واحداً حتى أصبح الملك فاروق في زمن مضى ملك مصر والسودان مما جعل أهل السودان إلى يومنا هذا كلما ضاق بهم الحال سياسياً يتجهون شمالاً حتى أصبح عدد السودانيين المقيمين بمصر يتجاوز السبعة ملايين يعيشون معززين مكرمين في وطنهم الثاني دون خوف أو وجل، وفي الآونة الأخيرة اتجه المصريون جنوباً إلى السودان من أجل الاستثمار والعمل في كافة المجالات وازددت سعادة حينما تكونت أول جالية مصرية بالسودان وبمباركة السفير المصري لينعم المصريون في وطنهم الثاني كما نعمنا نحن في مصر التي فتحت أبوابها دون قيد أو شرط لتعليم أبناء السودان في الجامعات هناك، ناهيك عن الذين طاب بهم المقام وصار استقرارهم الدائم في مصر الشقيقة، وبحكم تواجدي في مصر لأكثر من عشر سنوات كمعارض لنظام الحكم في الخرطوم، ازددت قرباً وفهماً عميقاً لتركيبة ومزاج الشعب المصري الشقيق، وتوسعت دائرة علاقاتي السياسية والاجتماعية والثقافية بكثير من الرموز بعد أن عملت صحفياً في جريدة (الوفد) لعشر سنوات تحت قيادة الكاتب والمؤرخ الفذ جمال بدوي عليه رحمة الله، والعزيز الرائع الأستاذ عباس الطرابيلي وسعيد عبد الخالق وكوكبة من أهل العلم والإعلام في مصر، مما أتاح لي الفرصة للالتقاء والحوار مع الأستاذ مكرم محمد أحمد وأحمد حمروش وإبراهيم نافع الذي كان رئيساً لمؤسسة الأهرام في ذلك الوقت، والمفكر والكاتب الذي يحب السودان كما يحب مصر ميلاد حنا، بجانب تلك الجلسات السياسية مع الفنانين أصحاب المواقف كالأستاذ كرم مطاوع عليه رحمة الله، والفنانة فردوس عبد الحميد وعدد من المحامين المميزين الذين كان يجمعنا بهم الأستاذ العزيز فاروق أبوعيسى الذي كان أمينً عاماً لاتحاد المحامين العرب لأكثر من عشر سنوات، وهناك أيضاً محمد فائق وزير الإعلام الأسبق ورئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وأيضاً الصديق العزيز مصطفى بكري المعارض الشرس وعضو مجلس الشعب الحالي. تظل مصر دائماً في وجداننا وحدقات عيوننا، ونظل نتابع الشأن السياسي هناك عبر الشاشة البلورية كالمصريين تماماً، فالانتخابات الرئاسية على الأبواب والمناظرات السياسية ساخنة للغاية والأستاذ عماد الدين أديب عبر قناته الفضائية ال(C.B.C) يمتعنا يومياً في لقاءات مع المرشحين الذين يواجهون الخبراء في امتحان عسير حول برنامجهم ومستقبل التنمية والاستقرار في مصر ولأكثر من أربع ساعات ننتابعها بشغف كالمصريين، مما يشؤكد أن الشأن المصري هو أيضاً شأن سوداني يجد كل الاهتمام منا بكل حب وأمنيات طيبات في أن يأتي رئيس جديد لمصر يحقق كافة مستحقات ثورة 25 يناير حتى تعود أرض الكنانة بدورها الريادي في قيادة الأمة العربية نحو مستقبل مشرق وقوة سياسية واقتصاية مؤثرة على الصعيد الإقليمي والدولي.