(لا لخيار الانفصال).. شعار هو الأجمل والأكثر وطنية والأصدق ترجمة لنبض وأحاسيس شعبنا العظيم. وقد فشلت في التعبير عن أحاسيس هذا الشعب أحزابنا الأربع الكبيرة! الاثنان الحاكمان المؤتمر الوطني والحركة الشعبية والآخران التاريخيان الاتحادي الديمقراطي وحزب الأمة وغيرهم.. فقد وافقوا جميعاً على فكرة تقرير مصير الجنوب، الذي سوف ينعكس على مصير البلد ككل، ووافقوا على أن يقتصر هذا الحق أي حق تقرير المصير على بعض السودانيين معرّضين بذلك وحدة الوطن لخطر ما حق. وقد جعل هذا الموقف الكاتب الصحافي المصري الكبير عباس الطرابيلي يسخر من تعويل مصر على السودان ليقف معها ومع نفسه في الأزمة الناشبة حالياً حول مياه النيل بين دول المنبع ودولتي المصب اللتين هما مصر والسودان. وحجة الأستاذ الطرابيلي هي أن السودان الذي فرّط في وحدة ترابه الوطني جنوباً، من الجائز أن يفرّط فيها غرباً وشرقاً وليس مؤهلاً لحماية حقه في مياه النيل!! وفي هذا الظرف بالذات نقرأ شعاراً جميلاً مُثقلاً بالوطنية والوعي معاً عند مدخل كوبري النيل الأزرق من ناحية الخرطوم بحري، ونصه هو (لا لخيار الإنفصال). والجهة صاحبة الشعار هي اتحاد طلاب جامعة الخرطوم، لقد طمأننا أولادنا على المستقبل وأثبتوا أن الوطن يشغلهم ويعنيهم أكثر منا نحن الكهول والشيوخ والعواجيز. وأكدت الجامعة أنها متقدمة على الأحزاب، ولم يكن ذلك جديداً عليها فقد كانت لها وقفات رائعات في كبريات الحوادث التي عاشها الوطن في تاريخه الحديث. وقد كان لجامعة الخرطوم دور مقدّر في الصراعات التي كانت دائرة بين الأحزاب السياسية أيام الكفاح ضد الاستعمار البريطاني. ويقال إنه كان لها دور في تلك الفترة في جعل الاستقلال هو الحل الوحيد أو المطلب الوحيد الذي يجب أن تلتف حوله الإرادة الوطنية. إننا جميعاً مدعوون للالتفاف حول هذا الشعار (لا لخيار الانفصال) وإن نجحنا يكون ذلك هو المنشود، وإن أخفقنا فإننا سوف نذهب إلى التاريخ باعتبارنا أفشل جيل أو أجيال مرت على البلد منذ شبتاكا وبعانخي وترهاقا. ويبقى أجدادنا هم الأفضل ومعهم أولادنا في جامعة الخرطوم الذين رفضوا تقسيم الوطن، لقد أعاد إلينا هؤلاء (الأولاد الشواهق) الثقة بأننا حتى إذا ما خسرنا الحاضر فإننا سوف نكسب المستقبل وأنهم حينما يتولون أمر البلد فإنهم لن يقبلوا به إلا واحداً موحداً، من حلفا إلى نمولي، ومن الجنينة إلى بورتسودان، عاش السودان واحداً موحداً وعاش اتحاد طلاب جامعة الخرطوم.