قبل سنوات قليلة وصف سياسي إنقاذي راحل الصحافة السودانية بوصف سوقي مبتذل.. ذاك السياسي كان ينفق بسخاء على أصحاب الحاجات ولكن من المال العام.. عبر هذه الدفعيات المالية تشكلت رؤيته لكثير من المؤسسات.. السياسي الراحل «غفر الله له» كان يرى أن صحافتنا تعمل على قاعدة «الدفع أولاً».. في تلك الأمسية تصدى الأخ الزميل ضياء الدين بلال لمطلق الاتهامات.. ضياء الدين دافع عن صحافتنا في وجه سلطان قاهر.. فيما أصدر الأستاذ الكبير إدريس حسن رئيس تحرير الرأي العام «وقتها» قراراً بمقاطعة أخبار ذلك السياسي الضخم.. الحقيقة إن كانت بعض الصحافة تقبض فبعض الساسة يدفعون ولعن الله هؤلاء وأولئك. أمس وقع السفير العبيد أحمد مروح في خطأ فادح.. أمين مجلس الصحافة ومن داخل وزارة العدل وصف الصحافة السودانية بأنها مجرد «كناتين».. حاول أحد الزملاء أن ينبه السفير إلى لغته غير الدبلوماسية.. فلم يجد غير إصرار من مروح على وصفه المسيء. صحافة «الكناتين» هذه فضلها على مروح كبير.. عمل في ردهاتها محرراً في صحيفة الراية.. لم يعمل العبيد في مجال تخصصه في تربية النشء بعد انتصار ثورة الإسلاميين.. عطفاً على خلفيته الصحفية اتخذ المروح من بيت الثقافة واجهة في عمله الجديد.. ترقى العبيد وبات أميناً على مجلس الصحافة.. في عهد العبيد الأول واجهت الصحافة العنت والتضييق.. حسن أدائه جعل الحكومة تبعثه ملحقاً إعلامياً في الإمارات العربية.. ما إن عاد العبيد مروح إلى أرض الوطن حتى وجد طريقه سالكاً لتقلد منصب الأمين العام في مجلس الصحافة للمرة الثانية. العبيد في ولايته الثانية والناس في وجوم من كارثة الانفصال.. وفي يوم عطلة رسمية أصدر قراراً بسحب ترخيص عدد من الصحف بحجة أن بين مؤسسيها أجانب من دولة جنوب السودان.. هذه المرة استحق العبيد ترقية أكبر..أصبح العبيد سفيراً في الخارجية وناطقاً بلسان عموم الدبلوماسيين.. رغم وجود عدد كبير من الكفاءات إلا أن العبيد لم يترك «الكناتين» المدرة للأموال في حالها.. بات العبيد يمضي سحابة يومه في وزارة الخارجية ثم يعود لبعض الوقت متفقداً رعيته في مجلس الصحافة. حال الصحافة أيضاً لا يعجبنا.. ليس في بنيته الاقتصادية التي لم تجعلها تصل لمرحلة «السوبرماركت» في رؤية العبيد ود مروح.. ولكن في فضاء الحريات.. تتوقف الصحف وتصادر عندما تغضب الحكومة والعبيد جالس في «مكتبيه»..الصحافيون يفقدون عملهم كل يوم والعبيد يكتفي بتوجيه اللوم إلى «الحيطة القصيرة» ويكتفي بالطعن في ظل الفيل. لو كنت وزيراً للخارجية بعد حديث «الكناتين» لكتبت للمروح خروجاً بلا عودة من دنيا الدبلوماسية.. الدبلوماسي المحترف يكسب دائماً معركة بحسن تعبيره والعبيد يخسر دائماً من لسانه غير المبين. في تقديري مطلوب موقف موحد من المنتسبين إلى هذه المهنة من هذه التصريحات المسيئة.