تقول القصة القديمة إن القط اعترض سفينة الفأر في عرض البحر وقال له بالدارجية السودانية السليمة (لماذا تكتحني بالتراب!!).. الفأر المسكين رد بالمنطق والحجة السليميتين قائلاً: و ايضاً باللهجة السودانية القحة (هسع وين التراب الكتحتك بيهو..).. القط تطاير الشرر من عينيه .. وزمجر وهدد وقال له بلغة ناس الخرطوم (إنتو يا الفيران نحن بنأكلكم علشان طولة ألسنتكم دي)..!! بعض المسؤولين في الحكومة والحزب الحاكم ينتجون هذه الأيام مسرحية قريبة من هذه!!.. إنهم يهاجمون المعارضة بضراوة وعيون يتطاير منها الشرر وأفواه تحتشد (بالنبذ)!! والكلمة الأخيرة هي أيضاً «بالدراجية» !! الحكومة ترتكب أخطاء كل يوم وأكبر خطأ فادح هو قرار رفع الدعم عن المحروقات.. ما الذي ستفعله المعارضة في هذه الحالة؟.. هي ستتكلم وتعترض.. إذن لماذا سميت معارضة؟ وما فائدة المكاتب السياسية والدور الحزبية والاجتماعات التي تمتد إلى منتصف الليل..!! دور المعارضة يكمن في تقديمها الرأي الآخر وللبديل المقنع لأخطاء الحكومة وعثراتها.. في كل الدنيا هناك معارضة تقول رأيها وتعبر عن مواقفها بالصورة السلمية المعروفة ولكنها.. أي المعارضة تتعرض للشتم واللعن والإزدراء بعبارات مثل وزن «الريشة» و«العمالة» وعدم «الفهم» و«الوهم».. الخ العبارات الرنانة و«الطائشة» التي تطفح بها صفحات صحف الخرطوم كل يوم!!. ليس من الحكمة في هذه الظرف العصيب الذي نمر به اليوم التراشق بالألفاظ والعبارات وكيل التهم للخصوم بسبب أو بدون سبب.. الحكمة المفقودة هي التي يجب أن تنظر للمعارضة «السلمية و الداخلية» المكونة من الأحزاب السودانية القديمة والمعروفة بتاريخها ودورها الوطني بنظرة مجردة وبحكمة سودانية تستند على أهمية الاعتراف بالآخر وبحقوقه في كونه شريكاً أصيلاً في حكم هذا البلد سواء توفر هذا الحق أو لم يتوفر الآن!! الحكمة تقتضي بأن يسعى من بيده مقاليد الأمور في البلد الآن إلى إفساح المجال للآخرين بأن (يشيلوا) معه الشيلة.. والتي تأكد تماماً بأنه فشل في حملها وحده!!