في الثالث من ديسمبر من العام 2006 أفادت البعثة الطبية في أحد السجون أن قلب الرئيس يواجه مصاعب.. بعد ذلك بأسبوع واحد مات الجنرال بيونشيه.. مظاهرات خرجت في العاصمة سانتياغو.. بعضها منددة بالرجل الذي خطف حكم الديمقراطية من سلفادور اليندي في العام 1973وأخرى تحسرت على الرئيس الذي أسقط حكم الشيوعيين وصنع من تشيلي معجزة اقتصادية.. حكم بيونشيه انتهى رسمياً في العام 1990 بانتخاب رئيس جديد إلا أن الجنرال القوي استمر ممسكاً بقيادة الجيش وشيخاً في البرلمان ثمانية أعوام أخرى.. ثم انتهى به المطاف إلى سجين بتهم أدناها قتل المعارضين وتشريد المناوئين. أمس الأول كان الرئيس المصري المخلوع ممداً على فراشه داخل محكمة جنايات القاهرة.. بعد وقت غير طويل أعلن القاضي أحمد رفعت حكماً بالسجن المؤبد بحق الرئيس مبارك ووزير داخليته.. الحكم لم يرض أحداً.. معارضو مبارك خرجوا إلى الطرقات يطالبون بتطهير القضاء.. فيما الأنصار احتجوا من منازلهم على «مرمطة» الرئيس السابق والقائد الأعلى للجيش المصري. الرئيس مبارك الذي حكم مصر بيد من حديد.. لم يجد غير أن يبكي عندما وصل موكبه إلى سجن طرة.. مبارك كان يصرخ بصورة هيسترية قائلاً «حسبي الله.. أنا خدمت البلد دي».. لم يصدق مبارك الذي طالما أرسل خصومه إلى ذات السجن أنه سيمضي باقي حياته وراء القضبان.. من المؤكد أن الرئيس سيندم أنه لم يصنع زنازين واسعة. في تقديري أن الرئيس مبارك يستحق نهاية أفضل من هذه بكثير.. رغم بطشه بمخالفيه في الرأي إلا أن مبارك كان الأكثر ديمقراطية بين رصفائه في حكم مصر بعد ثورة يوليو 1952.. عبدالناصر جعل من المحروسة سجناً كبيراً.. فيما كان السادات يهدد معارضيه «ح أفرمهم بس بالقانون».. الرئيس حسني مبارك أدخل مصر عهد الديمقراطية المحدودة.. سمح مبارك للإخوان المسلمين بدخول البرلمان من وراء ستار.. فيما أعدم جمال عبدالناصر سيد قطب و ترك المصريين يرددون«احنا أخوات».. على الصعيد الاقتصادي تمكن حسني مبارك من تحقيق معجزة اقتصادية.. في عهده أصبحت مصر مستقرة اقتصادياً.. سياحة تدر مليارات الدولارات وصناعة أوجدت لنفسها مكاناً تحت الشمس واستثماراً أجنبياً وجد بيئة جيدة في أرض مصر.. مجهود مبارك جعل الاقتصاد المصري يقوى على تحمل صدمات ثورة يناير 2011.. صحيح أن مبارك بعد أن بلغ من العمر عتياً فكر في توريث ابنه.. مؤكد أن معدلات الفساد بلغت حدوداً قصوى في كافة مناحي الحياة. أول قرار اتخذه الرئيس الأمريكي فورد أن أصدر عفواً رئاسياً عن سلفه نيكسون المتهم في جريمة «وتر قيت».. لم يرد الرئيس فورد أن يرسل القائد الأعلى للجيوش الأمريكية إلى السجن حبيساً. مصر الآن بحاجة ماسة إلى مناخ التسامح.. رغم فداحة الأخطاء ودماء الشهداء إلا أن مصر ستكون أقوى إن أصدر الرئيس المنتخب عفواً رئاسياً عن الرئيس المخلوع حسني مبارك. دموع الرئيس مبارك يجب أن تغفر له ماتقدم من ذنبه وتصبح عبرة لغيره من الرؤساء أن يوسعوا من الزنازين التي ربما يأوون إليها ولو من بعد حين.