كم مرة طلب مني الأخ والصديق عبد العظيم صالح أن أفسح مجالاً في ما أكتب للآراء والتعليقات الكثيرة التي تردني وهأنذا أفسح هذه المساحة لأحد الإخوة الكرام معقباً على مقال الأسبوع الفائت الذي وسمته بعنوان (كلي: ملك الثقافة ورائد التحصيل الأكاديمي) كتب الأخ خالد الجريف: حكى لي الأخ عبد الله حامد بشير أنهم مجموعة من أبناء منطقة كلي كانوا طلاباً بمدرسة أمدرمان الصناعية وهم في بداية السنة الأولى وكانوا يختمون حصة المذاكرة الليلية بالطرق على الأدراج ، في حفلة دلوكة ويتغنون بأغنية «الشيخ سيّرو» ، وكان أحد الأساتذة يترصدهم ويدخل عليهم الفصل قائلاً: يا أولاد كلي: (حفلتكم دي دايرة ليها سوط) ثمَّ يجلدنا ولم نكف عن دق الدلوكة ولم يتوقف الأستاذ عن جلدنا . حتى جاءنا الخلاص بأنْ أُبتعث الأستاذ للخارج ، وحينما عاد كُنا على مشارف ختام السنة الرابعة وعند دخوله المدرسة ليلاً سمع ذات الغناء والدلوكة فدخل علينا الفصل قائلاً يا أولاد كلي: (حكايتكم عجيبة أربع سنوات سيرة شيخكم دي ما وصلت؟) فرددنا عليه (يا أستاذ دي سيرة ما بتصل ماشة طوّالي) . نعم أخي ود أتبرة إنَّها سِيِرَة ممتدة وضاربة بجذورها في أعماق التاريخ حاوية كل الموروث القيمي في شتّى مناحي الحياة تمثّل زفّة عريس مجرتق بالعديل والزين أغاني (البنينة) المخضلة بالأماني والمُفعمة بالفال والدعاء (الليلة سار بقدرة الله) مقتفية آثار الأجداد ومآثرهم تصل الماضي بالحاضر استشرافاً للمستقبل الزاهر . نعم أخي علي إنَّها ليلة من ذات الليالي الموسومة ذوات النكهة والطعم أهدتنا إيّاها رابطة طلاَّب وخريجي كلي بالجامعات والمعاهد العليا وهي ما فتئت تُسجِّل بحضورها صفحات مضيئة محتفيةً بشبابنا الناهض وهم يعبّون من مناهل العلم. كما قال الشاعر عكير الدامر: نار العود تموت نار العلم بتولِّع وطلابنا نعدّهم ذخراً وذخيرة للغد المأمول فهنيئاً لهم هذا الإمتاع ولربّان رابطة أبناء كلي الأستاذ كمال علي مدني وهو يمخر بسفينته العباب بجدارةٍ ومهارة ولأركان حربه وحزبه الكاليابي من عامَّة الأهل. أخي الأتبراوي ما أردتُ أنْ أعقِّب على مداد قلمك فهو شهدٌ احتسيتهُ فانتشيتُ فأيقظ كامن الشجن وأهاج الذكرى . ألم تقل لي عَنْ شيخك الشهيد دكتور أحمد بشير الحسن أنَّه قال لك ذات مرة أنّ هذه الأجساد بعد الموت تأكلها الديدان فلماذا ندخرها للديدان؟! ولماذا لا نفنيها في طاعة الله؟! وهو شيخ تفانى حتى فَنِيَّ في حب ربه وطاعته. أخي أبو خالد ما بين المكنية وكلي وصلٌ واتصال وكانت العمودية واحدة ولا فرق إنْ كان العمدة(أبو عاجات اللحو) من كلي أو (ود سالم قولو تام) من المكنية وإنّي أشهدُ أنّ الشهيد علي عبد الفتاح والأستاذ حسن عمر الحويج معتمد محلية شندي مِنْ خُلَّص أصدقاء الشهيد دكتور أحمد بشير الحسن، فلا غُرو أنْ كان أول مؤبنٍ للشهيد أحمد بشير الحسن الشهيد علي عبد الفتاح في خلوة الفكي الإمام بكلي بعد أن قَدِمَ في وفد العزاء من المكنية . وسلامٌ على شهدائنا في الخالدين . أمَّا عن أمهاتنا والمرأة بكلي قال لي الأخ/ أحمد الشريف أحمد محمد مذكراً بعهد طفولتنا بأنني كنتُ تردفني (حبوبتي) بت أحمد خلفها على ظهر حمارها وهو رديف (لحبوبته) بت المنى بت أب جرس لنقوم بحراسة الطير عن الزرع بالكشكوش والجداعة أيّام الحاحاية والهمبول (خيال المآتة) لخداع الطير . وكان مقيلنا في سِدرة عيشة بت إدريس وتأتي علينا باعوها بت العوض فالمزارع كانت متجاورة، قال لي: أتذكر أولئك النسوة وجسارتهن وقارن بينهنّ والجيل الحالي فقلت له: ولو كلّ النساء كمَنْ فقدنا لفضلت النساء على الرجال فما التأنيث لاسم الشمس عيب ولا التذكير فخر للهلال ومن نساء كلي الشاعرة بُرة بت الأمين القائلة في أخيها بشير ود الأمين عامل الإمام المهدي على كلي وما جاورها: أخوي صاقعة السماء المن فوق حليلو اللي الرجال خازوق أخوي الصدرو فيهو السوق وسوقاً فهمو مُو ملحوق ورقية بت الفكي مُحمد وهي ترثي والدها: يا شيخ العقيدة يا أب ميساً بعيدة حليل شوفتو البريدة ومن أهلنا الكالياب الشارباب مدينة بت أب زيد القائلة: هاك من دار جعل ياجون قرنق مكتوب من الجيلي لاعند دامر المجذوب وغيرهن كُثر ، وأهلنا في كلي يقتسمون الأنَّة والمحنَّة ويلبسون لكل حالةٍ لبوسها ، والحديث عنهم يطول كما قال الشاعر: إيه يا مولاي إيه من حديث اشتهيه üخالد الجريف